غلاء يخنق صرخة المواطن..

ارتفاع الأسعار في عدن.. الأسباب والحلول (تقرير)

المدنية أونلاين/خاص:

ارتفعت أسعار السلع في العاصمة المؤقتة عدن، مع دخول اتفاق الرياض حيز التنفيذ شهره الثاني في ظل الحديث عن انهيار العملة المحلية بشكل مقلق.

وخلال أقل من شهر، ارتفع منسوب الأسعار بشكل جنوني، فنسبة الارتفاع تتراوح ما بين 30% وتصل إلى 40%، وهو ما يكشف عن وضع معيشي كارثي، قد يصل لحد المجاعة.

ويقول رئيس الغرفة التجارية والصناعية بعدن، ابو بكر سالم باعبيد، إن معدل ارتفاع الأسعار بلغت بنسبة 30%. بعد توقف التعاملات المستندية من شهر اغسطس 2019م وخاصة للتعاملات المعنية باستيراد المواد الغذائية الاساسية والتي كانت تتم عبر الوديعة السعودية.

باعبيد، أوضح في حديث لـ"المدنية أونلاين"، أن الاحداث الأخيرة التي شهدتها عدن أغسطس العام الماضي 2019م كانت سبب بتوقف الوديعة السعودية.

ولفت إلى ان هناك وعود بإعادة تفعيلها والعمل جاري على استخراج المواقفة من دولة السعودية وخاصة للمواد الغذائية الأساسية "الارز والسكر القمح الزيت وحليب الاطفال" وهي الخمس السلع التي كانت تدعمها الوديعة السعودية.

ولفت باعبيد إلى مشكلة اخرى تضاف إلى ما تشهده السلع من ارتفاع وقال:" في حال وافقت السعودية على عودة الوديعة للسلع الغذائية فإن هذا لا يعني ان تشهد هذه السلع تحسنا على الزمن القريب نظرا لكون مبالغ الوديعة للمصدر للسلع موجودة في دولة لبنان تحديدا في العاصمة بيروت وكلنا يعلم ما تعانيه بيروت"، مشيرا الى وجود وفد من البنك المركزي والبنك الاهلي في بيروت لهذا الغرض.

كما يشير باعبيد إلى أن هناك وفد من العاصمة عدن أرسل إلى دولة بيروت لأجل وضع حل عاجل في حال وافقت السعودية على عودة الوديعة والتي عادة ما تأخذ شهرين كفترة زمنية وإجراءات ومتابعات لهذه السلع.

سبب آخر لارتفاع الأسعار

ويرتبط ارتفاع الأسعار بارتفاع سعر الدولار، حيث عاود ارتفاعه في تداولات هذا الأسبوع من 663 إلى 665 ريال في حين وصل سعر صرف الريال السعودي 176 إلى 177 يمني.

الى جانب الرسوم والمستندات الغير قانونية التي تفرضها ميليشيا المجلس الانتقالي، على شحنات المواد الغذائية على المستوردات، وقد تراوحت بين (15000) ألف ريال يمني، للحاوية التي وجهتها داخل مدينة عدن، و(30،000) ريال يمني للحاوية المتجهة إلى خارج عدن.

كما شكل منع الحوثيون تدول العملة الجديدة وأخذها بالقوة على أصحاب المحلات التجارية ومحلات الصرافة في مناطق سيطرتها سبب آخر لارتفاع أسعار السلع.

هذا ولا يستبعد مراقبون أن تكون المضاربة بالعملة الوطنية من باب الضغط السياسي المتبادل بين أطراف الصراع في اليمن، فعلى ما يبدو لا تقتصر الحرب على المعارك المسلحة، بل تمتد للمعارك الاقتصادية التي تكون أحيانًا أشد وطأة على اليمنيين.

ويمس ارتفاع الأسعار بشكل رئيسي أصحاب الدخل المحدود، هذا ما صرح  الدكتور جواد مكاوي، لـ"المدنية أونلاين"، الغلاء خنق صرخة المواطن ذوي الدخل المحدود، وأصبح وأمسى حيراناً مصدوماً بأسعار المواد الغذائية الأساسية كل لحظة بارتفاع جنوني لا يجاري حتى تنهيدة عميقة شاردة من نفس، اتعبته متطلبات الحياة الضرورية لقضاء جزء بسيط من معيشته.

من جانبه، قال المواطن "سليم عمر" لـ"المدنية أونلاين"، أنه خلال شرائه مستلزمات غذائية من سوق السيلة بالشيخ عثمان، هناك ارتفاع جنوني لأسعار السلع في المتاجر الصغيرة قبل الكبيرة.

وتقول الحجة "فهيمة ناصر"، خلال تبضعها من أحد المحلات التجارية لـ"المدنية أونلاين"، "إن مرتبها نفذ قبل نهاية الشهر وهي تشكو من ارتفاع الأسعار، خاصة في السلع الأساسية الخمس، الارز والسكر القمح الزيت وحليب الأطفال".

وكل المتاجر رفعت أسعارها حسب "على الحريري"، مالك محلات الحريري التجارية دون تناسب بالأسعار، حيث قال لـ"المدنية أونلاين"، وصل سعر الدقيق حالياً في الأسواق 13،700 الف ريال يمني، بينما وصل سعر السكر (50 كيلو) الى 17،500 الف ريال يمني، كما وصل سعر حليب أطفال (علبة) نيدو الى 12،000 الف ريال يمني، وزيت (20 لتر)، 13،500 الف ريال يمني.

الحكومة "عاجزة"

وفي بلد يشهد حرباً طاحنة منذ ما يزيد عن خمس سنوات، تزداد الأوضاع المعيشية للمواطنين سوءاً فوق ماهي عليه من سوء، فيما تقف الحكومة الشرعية بموقف العاجز عن وقف الأزمة الاقتصادية.

ويقول الخبير الاقتصادي مصطفى نصر في حديث خاص لـ"المدنية أونلاين"، إن ضعف الاداء الحكومي لا سيما في الملف الاقتصادي، هذا يعود لعدة أسباب منها ظروف الحرب ذاتها التي خلقت وضع غير مستقر، والوضع بهذا الشكل يتطلب في الحقيقة الى حلول استثنائية، وخطط استثنائية.

ويضيف "مصطفى نصر"، ماتزال المؤسسة الحكومية لم تستطيع خلال الفترة الماضية كلها ان تلتئم في مؤسسة واحدة، بحيث تستطيع أن تضع خطة يتم البناء عليها على الأقل في إعادة التعافي في المناطق المسيطرة عليها، ومواجهة الازمات المتلاحقة، والأزمات في الحقيقة هي أكثر من ازمة، بعضها مرتبط بها وبعضها مرتبط بأطراف أخرى، مثل جماعة الحوثي وبعضها مرتبط بجانب إقليمي ودولي.

ويشير في حديثه لـ"المدنية أونلاين"، ان الازمات الاقتصادية هي ناتجه عن تعقيدات كبيرة، وهي انعكاس لحالة الحرب والصراع السياسي، ولا يمكن فصل الجانب الاقتصادي عما يحدث من تطورات في الجانب السياسي بالتالي تنعكس سلباً على الازمات الاقتصادية المتكررة والمتلاحقة.

وعن غياب النقابات، يقول "نصر"، إن غياب النقابات الاقتصادية، تعكس حالة الانهيار التي تعيشها البلد جراء الحرب الراهنة، وثقافة العمل النقابي للأسف تكاد تكون مفقودة لا يوجد تحفيز لهذا النقابات من قبل القيادة الرسمية بالمقابل هناك سلبية مجتمعية اتجاه مثل هذه الظواهر. 

حلول لمواجهة ارتفاع الأسعار

وتطرق الخبير الاقتصادي "مصطفى نصر"، الى الحلول التي ممكن أن تواجهه ارتفاع الأسعار، وهي وضع خطة لمواجهة كل تحديات السياسة النقدية وهي لابد ان تحرص الجهات الرسمية على استقرار سعر الريال اليمني، وهذا مهم للغاية كون اليمن تستورد معظم احتياجاتها من الخارج، بالإضافة الى وضع الية بالتعامل مع الاستيراد، ووضع الية للرقابة بحيث تتاح المنافسة في السوق وبالتالي، وصول الناس الى خدمة أفضل وبجودة عالية وبسعر تنافسي حقيقي.

لافتا إلى أن كل هذه الازمات الموجودة هي نتاج طبيعي لحالة الحرب الراهنة، ولابد أن يفكر المجتمع بإيجاد حلول لهذه المشكلات على الأقل على المستوى المحلي للتخفيف من هذه المشكلات.