وقع بشكل مفاجئ في قبضة الحوثيين.. من هو اللواء محمود الصبيحي؟
وصل إلى مطار عدن الدولي اليوم الجمعة اللواء محمود الصبيحي، وذلك ضمن صفقة تبادل أسرى شملت أكثر من 880 أسيرًا ومختطفًا لدى الحكومة اليمنية والحوثيين.
ويبزر اسم وزير الدفاع الأسبق، اللواء الركن محمود الصبيحي، كأحد أهم الأسرى المحتجزين لدى الحوثيين على مدى سنوات الحرب الماضية، إلى جوار شقيق الرئيس اليمني السابق، اللواء ناصر منصور هادي، واللواء فيصل رجب.
عُرف الصبيحي البالغ من العمر 75 عامًا، في عزلة "هويرب" بمديرية المضاربة بمحافظة لحج جنوبي اليمن، كأحد أهم القيادات اليمنية العسكرية "البراغماتية" المنضبطة والمؤهلة في الاتحاد السوفيتي سابقًا، والتي صقلتها الأوضاع المضطربة في اليمن على مدى العقدين الأخيرين.
تدرج الرجل العسكري- الأب لخمسة أبناء وابنتين، توفي منهم اثنان مؤخرًا - في عدة مسؤوليات بدولتين مختلفتين، انطلاقًا من إدارته لديوان وزارة الدفاع في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (جنوب اليمن) العام 1976، حتى قيادته للواء 25 ميكانيكي بصنعاء العام 1993، عقب توّحد جنوب اليمن مع شماله، تحت مسمى الجمهورية اليمنية.
وعقب ذلك بنحو عام، اضطر الصبيحي لمغادرة البلاد بعد مشاركته في حرب صيف 1994 التي اندلعت بين جنوب اليمن وشماله، ضد قوات الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، ليبقى متنقلًا بين سلطنة عُمان والسعودية والإمارات ثم الكويت لمدة 15 عامًا، حتى عجز عن مواجهة شغفه العسكري الذي أجبره على العودة إلى اليمن في 2010، وجرت ترقيته إلى رتبة لواء وتعيينه مستشارًا للقائد الأعلى للقوات المسلحة.
وفي العام 2011، بات اللواء الصبيحي قائدًا للواء 201 ميكانيكي، وبعدها بنحو عامين عيّنه الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، قائدًا للمنطقة العسكرية الرابعة، وهي إحدى مناطق انتشار الجيش اليمني الست، المسيطرة على 5 محافظات هي: عدن، لحج، أبين، الضالع وتعز.
تردد اسمه كثيرًا وذاع صيت شجاعته خلال عامي 2012 -2013، وسط غمرة الحرب التي خاضها اليمن ضد تنظيم القاعدة، الذي أعلن محافظة أبين إمارة إسلامية، وسيطر على أجزاء من جارتها شبوة، ومع سيطرة الحوثيين على صنعاء، ومواصلة تقدمهم نحو المحافظات الأخرى، كسر الصبيحي حاجز صمت القادة اليمنيين، بالتأكيد على استعداد المنطقة العسكرية الرابعة التي يقودها، للتصدّي لتقدم الحوثيين نحو محافظة تعز الواقعة ضمن نطاق انتشار قواته.
ارتفعت أسهم شعبية اللواء الصبيحي، نتيجة الموقفين السابقين، لتضاف إلى رصيد شعبيته التي اكتسبها بسبب انضباطه وبساطته وحرصه على مخالطة جنوده، وامتلاكه منزلًا شعبيًا متواضعًا لأسرته بمحافظة لحج، وفي الوقت ذاته وجد الرئيس هادي ضالته في الصبيحي كقائد عسكري قوي يثق به، ليعينه حينها وزيرًا للدفاع في الحكومة المشكّلة أواخر العام 2014، وسط ظروف غير اعتيادية يشهدها اليمن.
ومع تصاعد الاضطراب، قدّمت الحكومة المشكّلة قبل 3 أشهر، استقالتها في يناير 2015، بسبب استيلاء الحوثيين على السلطة وفرض إقامة جبرية على قيادة الدولة.
حاول الحوثيون استغلال رصيد الصبيحي الشعبي، عبر تعيينه رئيسًا للجنة الأمنية بعد أسابيع من استقالة الحكومة، ونتيجة لرفضه فرضوا عليه إقامة جبرية في صنعاء، تمكّن رغمها من الإفلات والفرار نحو لحج ثم عدن، وبعد مضي 15 يوما على نجاح الرئيس هادي في الإفلات من سطوتهم، وتشكيل حكومة مصغّرة في الجنوب لإدارة البلاد ومواجهة الحوثيين، كان الصبيحي وزيرًا للدفاع فيها.
وشهدت المحافظات الجنوبية وقتها، فوضى غير مسبوقة، أثارها تمرد قيادات عسكرية وأمنية على الحكومة الشرعية، بشكل متزامن مع تقدم ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس الراحل علي عبدالله صالح في لحج المتاخمة لعدن، وهو ما استدعى تحرك وزير الدفاع وعدد من القيادات العسكرية والأمنية نحوها لقطع طريق وصولها إلى آخر معاقل السلطة.
وفي اليوم التالي لانطلاق عمليات "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين، وأثناء تحركات وزير الدفاع اللواء الركن محمود الصبيحي الدؤوبة في محاولة ترتيب الصفوف بعد تمرد وحدات جديدة بقاعدة العند العسكرية بلحج، وقع الرجل بشكل مفاجئ في قبضة الحوثيين، وتضاربت المعلومات حول ذلك، إذ أشارت بعض الروايات إلى نفاد ذخيرته عقب مواجهات محتدمة، في حين تطرقت الأخرى إلى خيانة تعرض لها بعد تسريب تحركاته لخصومه.