في ظل غياب الرقابة.. ارتفاع الأسعار يضاعف المعاناة بعدن (تقرير)

المدنية أونلاين/سارة المسعدي-ليلى السيد/خاص:

يعاني المواطن العدني بسبب ارتفاع الأسعار الذي بات يلقي بظلاله الثقيلة على حياة المواطنين والأسر في عدن، الذين يعانون الأمرين من غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية وإيجار البيوت في ظل أزمة اقتصادية صعبة تعصف بالمدينة.

وتتصدر مشكلة ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة قائمة المشاكل للمواطنين في عدن، إذ أن الأعباء الاقتصادية المباشرة تثقل حياة المواطن، وأن ارتفاع الأسعار في الآونة الأخيرة بدأ يخلق فجوة شاسعة بين دخل الفرد وتحقيقه لمتطلبات الحياة الأساسية.

وتصف "أم أحمد" وهي ربة بيت، التصاعد المتسارع للأسعار خلال الأشهر الماضية بأنه جنوني وكبير للغاية، وتقول: "الغلاء الفاحش الذي نعيشه أرهق كاهل المواطن الذي أصبح بالكاد يستطيع توفير احتياجاته الضرورية".

وتضيف "كما أن التلاعب بسعر الصرف والأسعار في ظل جشع وطمع التجار وغياب الدولة والحكومة جعل الناس تعيش في حالة سيئة وحياة قاسية موجعه في العاصمة المحررة عدن، أصبحنا معها نستغني عن أشياء كثيرة من الاحتياجات بسبب ارتفاع أسعارها ".

في حين يرى الإعلامي رشيد سيف أن "حقيقة الأثر الذي أحدثه فارق الصرف والتلاعب بالعملات الأجنبية في السوق اليمني بالغ ومأساوي وخاصة على الفئات ذات الدخل المحدود".

ويقول "نحن نعجز في توفير الكثير من الضروريات وذلك بسبب غلاء الأسعار وبالتالي تتفاقم أوضاع الناس المعيشية هذا خلاف الأثر بالجانب الصحي والتعليمي"، كما يضيف أن "غلاء الأسعار يمثل مشكلة أساسية لدى أغلبية الناس وعجز البنك المركزي في تحسين الوضع المصرفي بالسوق يضاعف معاناة الكثير هنا وهناك والكثير من التجار أصبحوا يتعاملوا بالعملة الأجنبية تجنبا للخسارة على حساب المواطن البسيط ، ونحن نريد تعامل جاد يتجاوز المحدود ويوفر حياة آمنة ويضمنها أيضا".

موجة غلاء

بدورها تقول سمية الصبيحي طالبة جامعية "إن غلاء الأسعار أثر على أفراد المجتمع ككل، بما في ذلك الطالب الجامعي، وهذا الأثر يكون أكبر ويتفاقم بحسب مستوى الأسرة المعيشي ونوع التخصص الجامعي فطالما هناك ارتفاع بالأسعار يكون هناك زيادة معاناة في توفير المصاريف الجامعية التي تتضمن المواصلات والملازم والأدوات الهندسية وغير ذلك من متطلبات الجامعة، والأثر على الجميع لكن شدته تقل وتزيد من طالب لآخر؛ كيف؟".

ودللت على ذلك بالقول "على سبيل المثال الطلاب في الهندسة ممكن معاناتهم تكون أكثر من الطلاب في الجامعات الأخرى، وأيضاً المقارنة ممكن تكون بين قسم وأخر في كلية الهندسة، فطلاب المعمار بشكل خاص يعانون كثيرا بسبب الأدوات التي يتطلبها قسمهم، وهناك من يتوقف عن مواصلة الدراسة لهذا السبب وجميعنا قد نصل لمرحلة أن لا نذهب للجامعة خاصة وفي الظروف التي تعيشها معظم الأسر من انقطاع الرواتب وقلتها".

وتضيف "أنا كطالبة ربما يكون وضعي أفضل من غيري، لذلك نتمنى الأسعار تثبت والحال يتحسن وتكون حياة الطالب أكثر سلاسة ويقل التعقيد فيها، لأنه بصراحة الطالب يُحمّل عبء كبير وهذا ممكن يؤدي إلى كرهه للدراسة بشكل كبير".

غلاء الأسعار يتجاوز الأضعاف

زهرة صالح علي تقول "لا يخفى على أحد معاناة الناس من ارتفاع جنوني في الأسعار بعضها تجاوزة الزيادة فيه 100% وبعضها 200_300%، وصل الارتفاع المتزايد بشكل يومي وليس على فترات متباعدة بمعنى أن تشترى السلعة اليوم بسعر واليوم الثاني بسعر آخر مما سبب الكثير من المشاكل بين البائع والمستهلك".

وتضيف زهرة أن "الأسعار أرهقت المواطن وأصبح يقلص الكثير من المواد الغذائية من حيث الكم والنوع (الجودة) بسبب هذا الغلاء والمشكلة الكبرى أن ارتفاع الأسعار لم يقابله أي ارتفاع في الرواتب والمعاشات والإعانات وهذا انعكس سلبا على المستوى المعيشي للأسر".

وتابعت "لا ننسى معانات العسكريين بتوقف رواتبهم لأشهر طويلة ولكي أن تتخيلي كيف هو الحال في تدبير المعيشة لديهم، ولهذا رسالتي أوجهها لكل مسئول باستطاعته تخفيف معاناة المواطن بأن يبذل قصارى جهده وأرجو من هرم السلطة المحلية (المحافظ) تفعيل دور الرقابة والتفتيش ومحاسبة الفاسدين دون تأخير ودون استثناء".

غياب الرقابة

في ذات السياق تقول د.افتهان عبدالله، صيدلانية، "رغم الحديث عن التحسن في العملة إلا أنه لم نلمس أي تحسن للأسعار بل للأسف كل يوم في ازدياد وأغلبية المواطنين ذوي دخل محدود".

وتضيف "أنا كوني موظفة أعاني من هذه المعاناة مع عدم ارتفاع في الرواتب فما بالك بالأسر التي يكون فيها المعيل شخص واحد فقط، لكن طالما لا يوجد رقابة من قبل الجهات المختصة وعدم تنفيذ بنود اتفاقية الرياض أعتقد لن تتحسن الأوضاع، ونحن نأمل أن تنفذ بنود اتفاقية الرياض ونأمل تحسن الأوضاع في حال وجود حكومة تمارس مهامها من داخل العاصمة المؤقتة عدن". 

فيما تتفق المواطنة أم محمد مع د.افتهان بأنه خلال هذه الأيام انخفض سعر الدولار وكان من المفترض أن تنزل الأسعار، لكن الأسعار باقية كما هي مرتفعة والمواطن العدني يعاني ولا يجد من يستنجد به.

أم محمد تضيف "هذا غير فارق الصرف بين مناطق الشرعية والمناطق التي تحت سيطرة مليشيات الحوثي والأغلب مننا أصبح يعاني من هذه المشكلة حيث يكون معك مرض أو ظرف طارئ ولا تستطيع إرسال النقود، فعلا نشعر أننا في دولتين وليس في دولة واحدة".

تراجع القدرة الشرائية

من جهتها تقول دفاع عبد الله، استاذة بمدرسة حكومية "راتبي 53000 ريال يمني فقط وهو بالنسبة لي كان قبل ارتفاع الصرف جيد لأنه كان ما يقارب 200$ وكانت الأسعار مناسبة في المواد الغذائية والملابس وفي جميع المشتريات ولكن الآن فقد صار راتبي لا يتجاوز 75$ والأسعار ترتفع بسرعة هائلة وراتبي كما هو لا يرتفع بينما كل شيء حولي يرتفع".

وتضيف "حتى أني أصبحت لا أشتري إلا أهم الأهم وأكثر الأولويات لا أستطيع توفيرها إلا بصعوبة وقد ضاق بنا الحال وسئمنا الوضع المزري لحال الموظف الذي لا يملك سوى راتبه".

فيما يقول الإعلامي صلاح الحقب إن ارتفاع الأسعار يفاقم مشاكلنا ويزيد من سوء الوضع المعيشي يوما بعد يوم، لاسيما ونحن نشهد أزمة متجددة من حين لآخر.  

ويضيف "لعل الأزمة الاقتصادية التي تشهد انهيار الريال اليمني مقابل العملة الأجنبية تؤثر بشكل مباشر علينا نحن المواطنين من شتى النواحي، وارتفاع الأسعار على أثرها يخلق حالة من الفقر والضياع".

عدم استقرار الصرف

وخلال حديثنا مع بعض التجار الذي يعملون على توفير بعض البضاعة والسلع للأسواق بالشراء عبر مواقع الانترنت، عزا بعضهم عدم انخفاض الأسعار- بالرغم من تراجع سعر الدولار إلى عدم استقرار الصرف، معتبرين أن الانخفاض في أسعار الصرف هدفه سحب العملة الأجنبية من السوق ليس إلا.

وتقول منار اليافعي "إن تقلب الصرف اتعبنا كثيرا فقد تسبب بخسارتي أكثر من ٢٠٠ ألف بسبب تقلب الصرف المفاجئ بينما كنت قد أخذت من بعض الزبائن مبالغ بسعر صرف اليوم وعندما أقفلت الشحنة زاد الصرف".

بينما تقول تاجرة أخرى أن "الأمر الأول وهو الأسوأ أننا نحدد للزبائن سعر ونتفاجئ برفع الدولار ونحن امام خيارين إما نختار أن نخسر زبائننا أو نخسر فلوسنا".

وتضيف "أما الأمر الثاني بسبب الأوضاع باليمن وتأخير الشحن توصل البضاعة متأخرة ويكون الدولار مرتفع وعندما نستلم المبالغ المحددة من الزبائن ولا نستطيع تحويل المبلغ إلى الدولار حتي لا نخسر فيضيع الوقت ونحن منتظرين نزول الدولار ونتحمل الخسارات".

تراجع العملة وتوجيه حكومي

مساء أمس، وجه وزير الصناعة والتجارة محمد الأشول، مكاتب الصناعة والتجارة بالمحافظات المحررة، بتفعيل الدور الرقابي للمكتب وضبط الأسعار وفقاً للمتغيرات الجديدة في سعر صرف العملة، وشدد الوزير، بسرعة النزول الميداني لضبط أسعار السلع وفقاً لأسعار صرف العملة الوطنية.

وهذه التوجيهات تأتي في إطار تحرك الحكومة الجديدة بكل وزاراتها إلى العمل بما يخدم الصالح العام، وتطبيع الأوضاع في العاصمة المؤقتة عدن، والمحافظات المحررة، وبما ينعكس إيجاباً على استقرار السلع والخدمات.

وشهدت أسعار العملة في المحافظات المحررة تراجعاً كبيراً أمام العملات الأجنبية، هو الأول من نوعه منذ أشهر، حيث حقق مكاسب متسارعة وكبيرة أمام العملات الأجنبية بعد أداء الحكومة الجديدة لليمين الدستورية أمام الرئيس هادي.

وخلال 24 ساعة الماضية تراجع سعر صرف الدولار إلى 650 ريالا نزولا من 760، والريال السعودي إلى 170 نزولا من 201.

كما تراجع عمولة تحويل الأموال من مناطق الحكومة الشرعية إلى المناطق الخاضعة لميليشيات الحوثي إلى 9٪ من قيمة المبلغ المحول نزولا من 51٪ قبل أسبوعين، تأثرا بتراجع أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني بأكثر من 30٪.