موت بشكل يومي في عدن.. من يتحمل مسؤولية ذلك؟

هلع غير مسبوق في العاصمة المؤقتة عدن، مشاهد الجنائز لا تكاد تنقطع عن مقابرها في مختلف المديريات..

المدنية أونلاين/عدن:

منذ منتصف أبريل الماضي تعيش محافظة عدن حالة انتشار واسع للأوبئة والحميات التي أصابت الآلاف وأودت بحياة المئات منهم، والرقم يتزايد كل ساعة تقريباً.

بحسب مصلحة الأحوال المدنية بمحافظة عدن، فإن عدد الوفيات بلغ منذ الأول من مايو الجاري حتى يوم أمس 553 حالة وفاة.

خذلان الجميع

القطاع الصحي متدهور وتسود العاملين فيه حالة هلع نتيجة الخوف والقلق من كورونا وغيرها من الأوبئة والأمراض المعدية، نظراً لانعدام أدوات الوقاية اللازمة للأطباء والممرضين الذين يفترض بهم التعامل مع مختلف حالات الإصابة.

لذلك وغيره يموت العشرات في منازلهم أو على أبواب المستشفيات بعد رفض استقبالهم لأسباب متداخلة.

السلطات المحلية ومعها الصحية حتى الآن لم تثبت كفاءة حقيقية في الحد من انتشار الأمراض على الأقل بمكافحة أسبابها، إذ لا تزال المستنقعات مرتعا لحشود أسراب البعوض التي تجتاح المنازل بأريحية، إضافة لعجز السلطات عن احتواء كورونا الذي يعتبر المتهم الأبرز من بين أسباب الوفيات إلى جانب الحميات، ممثلة بالملاريا وحمى الضنك والمكرفس ونحوها.

وفي ظل هذا الوضع المؤسف لا يبدو المسيطرون على مؤسسات الدولة في عدن آبهين بحياة السكان، لانشغالهم بترتيب الجانب العسكري وإحكام القبضة الأمنية على مفاصل المدينة المنكوبة.

وباء أم مرض؟

وفي السياق، أوضح الاخصائي في الطب الوقائي والأوبئة حمدي الحكيمي أنه بالعودة إلى علم الأوبئة، فإن هناك فرق بين الوباء وبين المرض المستوطن، الذي يشمل حمى الضنك وما يسمى بالمكرفس، وقد تكون هناك أمراض مستوطنة معدلات حصولها متشابهة مع العام السابق، وبالتالي يدرك الأطباء أن المرض المستوطن يحصل في مواسم معينة بعد الأمطار، وأن له مدى انتشار معين، ويتعاملون مع الأمراض المستوطنة بشكل تشخيصي في المستشفيات.

وأوضح الحكيمي، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة بلقيس مساء أمس، أن الوباء يحدث عندما يزيد عدد الحالات زيادة كبيرة أو عندما يأتي مرض جديد غير موجود ولو بحالة واحدة، وبالتالي هنا تسجل حالة وباء.

ولفت إلى أنه لا يستطيع أحد أن يعلن عن أي مرض مستوطن بأنه وباء؛ لأنه احيانا قد لا يكون وباء ولكن قد يكون اختلال معين في الإحصائيات أو قد يكون اختلال معين في توزيع المرضى على المستشفيات.

مضيفا أنه من يتوجب عليه إعلان المرض بأنه وباء هي جهة الترصد الوبائي التي بمقدورها معرفة ذلك، لافتا إلى أنه في حالة الوباء تزيد دقة ما يسمى بتعريف الحالة في حالة كورونا، وهو التعريف الذي وضعته منظمة الصحة العالمية.

وتابع "للإعلان عن أن هناك وباء كورونا، يكفي أن يتأكد أن هناك حالة واحدة معمليا، وبالتالي نستطيع أن نعتمد بعد ذلك في حال عدم توفر الإمكانيات على تعريف الحالة والتعامل مع أي حالة قادمة على أنها كورونا".

وحول ما يحدث في عدن من حالات وفاة بشكل يومي دون معرفة الأسباب، أوضح الحكيمي أن الحالة الموجودة في عدن هي حالة عدم تشخيص وعدم رفع تقارير وتبليغ عن الحالات لأسباب كثيرة منها أسباب فنية تتمثل في عدم رفع تقارير فنية عن عدد الحالات المشتبهة فيها أو المؤكدة من كورونا إلا في أضيق نطاق، بالإضافة إلى غياب الفرق وغياب الفحوصات.

ازدواجية العمل

من جهته؛ نائب مدير مكتب الصحة بعدن محمد الربيد قال إن انتشار الأوبئة في عدن يعود لعدة أسباب، منها الوضع الصحي الكارثي الذي تعيشه عدن بسبب الحرب، وضعف أداء وزارة الصحة في توفير المستلزمات وعدم وجود آلية لمحاربة هذه الأوبئة.

وعزا الربيد تدهور الوضع الصحي في عدن إلى ازدواجية العمل ما بين وزارة الصحة ومكتب الصحة في التدخل وتقديم الدعم، محملا وزارة الصحة مسؤولية تدهور الوضع كون الإمكانيات كلها تتسلم إليها وهي من تقوم في توزيعها على المحافظات.

وشكا الربيد من غياب الدعم لمكتب الصحة من قبل وزارة الصحة رغم الدعم الذي تلقته من الحكومة والمنظمات.

وعن استعداد المحاجر في عدن لمواجهة فيروس كورونا، أشار الربيد إلى أن هناك محجر صحي في مديرية البريقة تم تسليمه لمنظمة أطباء بلا حدود وفق اتفاقية مع وزارة الصحة، بالإضافة إلى محجر في مستشفى الجمهورية عليه ضغط كبير لا يلبي 5٪ من الاحتياجات.

وضع مزر

بدوره؛ الناشط الحقوقي نزار سرارو قال إن الوضع الصحي في عدن قد أنهار وأصبح الوضع مزر جدا بعد تضاعف حالات الوفاة بشكل يومي وكبير.

لافتا إلى أن وزارة الصحة فشلت ومعها أخلاق القائمين على الوزارة ومكتب الصحة والمستشفيات والكادر الطبي في مواجهة الحميات والحالات خوفا من كورونا.

مضيفا أن الناس يموتون بدون علاج في الوقت الذي ترفض المستشفيات الحكومية والخاصة استقبال الحالات والبعض الآخر منها أغلقت أبوابها في وجوه المرضى بعد أن غابت الدولة ومن يسيطر على الأرض وتخلى الجميع عن أبناء عدن.

مشيرا إلى أن هناك العشرات من حالات الوفاة يصل عددها في اليوم الواحد إلى سبعين حالة يتم دفنها في مشهد يتكرر بشكل يومي في عدن.