عدن متى يَحكُمَها أبناؤها

بعد خروج قوات الاحتلال البريطاني من مدينة عدن وتسليمها مقاليد السلطة لتنظيم الجبهة القومية تم تعيين ابن حارة القاضي (احدى الحارات الشهيرة بمدينة كريتر) الأستاذ المناضل ابوبكر علي احمد شفيق رحمه الله محافظاً لمحافظة عدن ولم يستمر طويلاً في منصبه نتيجة الصراعات التي نشأت

سريعاً في تنظيم الجبهة القومية الحاكم وخصوصاً مع بروز التيار اليساري الذي فرض هيمنته وعُرف بسياسة الاقصاء لكل مخالفيه وليس الاقصاء فحسب بل الانهاء بالقتل او السجن او التشريد الى خارج الحدود،

وتولى بعد ذلك منصب محافظ عدن عدد كبير من الشخصيات والتي تنتمي في الغالب للتيار المنتصر في معظم الصراعات التي عرفتها المدينة ودفعت بمفردها ثمن تلك الصراعات، وكان معظم من يتم تعيينهم لا ينتمون لمدينة عدن ولا لثقافتها ولا لتاريخها إلاّ من خلال إقامة فيها لفترة وجيزة جعلت

منهم عدانيه أكثر من العدنيين أنفسهم وهنا تطل علينا ثقافة المتغلب والمغلوب كما وصفها رائد علم الاجتماع العلامة عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي، ) أن المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه و نحلته و سائر أحواله و عوائده) وهكذا فرض المتغلبون على المجتمع ثقافتهم،

بطبيعة الحال لن أتحدث عن تفاصيل ذلك التاريخ ولا عن تاريخ كل محافظ على. حده، لكن خلاصة الأمر أن معظمهم كسب من عدن الشيء الكثير ولم يعطها أدنى ما تفرضه عليه مسؤوليته، كان أحدهم فرحاً بافتتاح مرقص ويعتبره منجز من منجزاته، وآخر فرحاً بافتتاح مشرب لاحتساء المنتج الوطني المهدأ لهم من الرفاق في المانيا الشرقية حينها، وثالث يفتتح مجموعة دورات مياه في احدى الميادين ويظن نفسه قد افتتح مركزاً تجارياً كبيراً، وهكذا هو الحال حتى منتصف 1994م شاهد المواطن الكثير من المشاريع بارزة امامه وإن كانت بتكاليف باهظة جداَ كان بالإمكان من خلالها أن تكون أفضل مما كان ولكن كما قال ذلك الشاعر الجنيد أمام الرئيس الأسبق ذات يوم:

حكومة كلها أوباش

ذا سارق وذا لطّاش

وذا خائن وذا غشاش

تقوله له فين درست الغش

يقول لك بمدرسة عفّاش

قلنا سلام الله على عفاش

عاده كان يعيش ويعتاش.

مرّت سنوات عجاف على عدن وأهلها وخاصة في مجال الخدمات المتدهورة في السنوات الأخيرة وكلما مرّت سنة تأمّل المواطن الغلبان في السنة القادمة سيكون الحال أفضل،

صيف ملتهب شهدته عدن هذه السنة وانقطاعات متكررة للكهرباء وخروج محطات عن العمل ومحروقات مغشوشة ولا حسيب ولا رقيب،

وكنت قد شاهدت مقطعاً متداولاً في وسائل التواصل الاجتماعي عبارة عن تصريح لمحافظ عدن الحالي وبالطبع هو ليس من أبنائها يقول فيما معناه أنه لن يبقى على هذا الكرسي إن لم يحقق للمواطن متطلبات الكهرباء ومضت الأيام والأسابيع بل والشهور ولم يتحقق شيئاً وفي نفس الوقت لم يغادر الكرسي الوثير

هل كان ذلك الكلام مجرد دغدغة عابرة لا تسمن ولا تغني من جوع وبالتالي يبقى المواطن يعيش على الآمال سنة تتلوها سنة أخرى حتى يأتي فرج الله، أم أنه عبارة عن كلام ناعم أو أملس كملمس جلد الثعبان.

وفي الختام هذه عدن بتاريخها وبكوادرها في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية الا يوجد واحد منهم يديرها وسيكون على مقربة من أهلها سيحس بآلامهم وجوعهم واحتياجاتهم فلن يرضَ أن يشبع وأهله يتضورون جوعاً ولن يقبل أن يتنعم بالكهرباء وكافة عوامل الرفاهية ومواطنيه لا يجدون نسمة هواء عليل يهب عليهم من مروحة مربوطة بالتيار الكهربائي، وهكذا بقية الأمور،

فمتى سنسمع قرارا جمهوريا بتعيين محافظاً عدنيا لعدن، نأمل أن يكون قريباً..

مقالات الكاتب