مرحباً بفُرسـان الكلمة الحُرة

سلامٌ عليكم وأنتم تستعيدون حياتكم الحرة بعيداً عن قيد السجان الذي أراكم أبشع مافيه ، وأريتموه أقوى مافيكم صبراً في وجه سياطه وجلادية وثباتاً زلزل عبيده فتحولوا إلى مسجونين في شر أعمالهم ، وظللتم أحراراً تحلّق أرواحكم في الفضاء الرحب ، وإن كانت الأيدي مغلولة والأقدام مكبلة فللارواح طريقتها في التحليق بعيداً ، ولقد شهدناكم حاضرين في كل فصل من فصول النزال مع هذه المليشيات التي اعتقدت ذات يوم أنها غيبتكم ، وظنت بجهلٍ أن السجن الذي رمتكم فيه سيحميها من لعنة الشعب وسينقذها من غضبته ورفضه.

الحرية التي دفعتم من أعماركم مايقارب عقداً أنتم روادها ، وليس لكائنٍ من كان أن يقول أنه تعلّمها مالم تكونوا انتم أساتذته ومعلميه ، والوطن الحر الكبير الذي حلمتم به يوم واجهتم هذا الانقلاب المليشاوي فخورٌ بكم حد الانتشاء ، وليس من حقنا أن نشكو تعباً أو نصباً في طريقنا للتحرر والخلاص لأن ما قدمناه أو نقدمه لا يرقى إلى تضحياكم ولايشابهها ، وسنحكي لأولادنا والأجيال من بعدنا عن الكلمة الحرة التي حاول إماميو اليوم إسكاتُها لكنها تمردت وصبرت وقاومت حتى نالت حريتها ، وحين يسألوننا عن ماهيتها وحروفها فسنذكر لهم اسمائكم فقط فانتم الكلمة الحرة والسطر الذي لن تمحيه الأيام بل تزيده سطوحاً ولمعانا ، وتلك عادة الأحرار في كل زمان ومكان لا تتجاوزهم الأحداث ولاتنساهم الأجيال.

بقدر ما فرحنا اليوم لوجودكم بيننا بكينا كثيراً ونحن نختبر أمالاً كثيرة كنا نعوّل عليها لتنهي معاناتكم ، بكينّا كبشر يفتقدون بعضهم لكنّا لم نضعف ، وانتم كذلك لم تفعلوا ، وعند نقطة الالتقاء هذه نحن اليوم سعداء ، وسعداء جداً لخلاصكم وخلاص زملائكم من قبل ، وستجمعنا الكلمة الحرة من جديد ، وعهداً علينا أن نسقيها كل صباح ، ونشتم عبيرها وننشره كل شروق نهار وإسدال ليل ، وفي كل يوم جديد سيجمعنا حبنا لهذا الوطن، وصبرنا وجلدنا بوجه العابثين به ، وسيكون الغد أجمل ونحن نضع أيدينا بأيديكم وأيدي كل الشرفاء والأحرار في هذه الأرض.

مرحباً بكم بيننا من جديد ، مع أن ترحيبنا بكم ليس منطقياً فأنتم بيننا حتى في غيبتكم ، وأهلاً بكم فرساناً كعادتكم ، سلاحكم الكلمة الحرة وكمٌ هائلٌ من الصبر والثبات أدهشتم به جلاديكم فرأيناهم ضعفاء جبناء مقهورين ، ورأيناكم جبالاً شامخة لم ينجحوا في قهركم لأن الكلمة الحرة تمد صاحبها بالعزيمة التي تقهر الصعاب.

حللتم أهلاً ونزلتم سهلاً ، أنتم وكل الذين تحرروا معكم ومن قبل ومن بعد ، ونحن في شوق إلى اليوم التي تاتي وليس من حرٍ في سجون هذه العصابة المارقة.

دمتم سالمين..

مقالات الكاتب