إنصاف الموتى!

نعيش في مجتمع لن تجد فيه الإنصاف إلا بوفاتك وموتك ..

تصريح الدفن الذي سيُمنح لأسرتك هو شهادة دخولك قلوب الناس وقولها الحقيقة عنك ..

مجتمع أنت بحاجة أن تموت لكي تسمع عبارات الإشادة والإحسان والإنصاف ..

وأنت بين الناس تتجول وتعيش وتتألم وتعاني لن يزورك أحد ولن يشد من أزرك أحد ولن يكتب عنك أحد عبارة واحدة ..

قد تعيش سنوات طويلة وأنت تتألم وتعاني لكنك لن تجد التفاتة واحدة أو كلمة واحدة تشد من أزرك.

لن يتصل بك أحد.

لن يزورك أحد.

جرب أن تموت وسترى ..

سيقول الناس عنك أكثر مما تظن في نفسك ، سيواسون أسرتك وستنهال عبارات الإشادة وسيتسابق الناس للحديث عن سعي لصالحك لم يكن له على أرض الواقع أي حضور ..

فقط حينما تموت تخرج الحكومة لتقول إنك كنت مواطن صالح خدم الوطن طوال حياته وإنها خسرتك، ذات الحكومة لم تسأل عنك يوما واحدا بل ربما إنها أكلت حقك ومنعت عنك يد المساعدة لسنوات .

الكثير من الناس سيذهبون إلى صفحتك للترحم عليك، سينشرون محادثات قديمة جداً لك معهم وسيدعون أن مصابهم عظيم وجلل .

الكم الكبير والهائل من الناس والقيادات وبرقيات الرثاء هذه مجتمعة لم تلتفت إليك يوماً واحداً وأنت تتجول بين صفوفهم إن لم يكن بعض الراثون وجهوا لك إساءاتهم المتكررة .

نحن نعيش في مجتمع لايقدر كوادره ، مثقفوه، خيّروه إلا بعد وفاتهم وهو تكريم لا قيمة له..

عن كوادر اليمن وعلمائها ومثقفيها وشخصياتها التي ماتت خلال السنوات الماضية (أتحدث)..

ما أسوأ الوطن الذي عليك أن تموت فيه لكي ينصفك ..

الله والفجيعة..!

مقالات الكاتب