العدالة وحفظ حياة الناس
ان انتشار الجريمة والارهاب في المدن والمجتمعات ليس سببها ضعف الأمن وهوان السلطات في معظم الحالات، وانما السبب الرئيسي هو التساهل في عدم انزال العقوبة بالمجرمين والقتلة والارهابيين، وعدم تطبيق العدالة.
ان عدم تنفيذ القصاص بحق المجرمين والارهابيين، يشجع على المزيد من الارهاب والاجرام، ولنا ان نشاهد اليوم ماذا يحدث في بلادنا من ازياد الجريمة وتفشي الارهاب بصورة كبيرة وخطيرة تجعله يضرب وسط المدن الكبيرة والمزدحمة دون ان يبالي او ان يخشى.
قال الله تعالى "ولكم في القصاص حياة " ومدلول ذلك انه لن تستطيع حماية ارواح وحياة الناس الا بالقصاص من المجرمين، ليكون ذلك الرادع لهم ولغيرهم من ممارسة الجريمة، وبالتالي تستطيع صون امن المجتمع وتحافظ على حياة الناس.
لقد تفشت الجريمة منذ سنوات في مجتمعنا، وبالتحديد في المدن الكبيرة والمزدحمة، وهي ما بين اغتيالات بالسلاح او المفخخات او جرائم الاغتصاب للاطفال او السرقات والتخريب وغيرها من الجرائم التي اذا تساهلنا مع مرتكبيها ولم نقدمهم للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع، فاننا سنجد مجتمعنا يغرق رويدا رويدا في الفوضى وسيصعب بعد ذلك السيطرة على الاوضاع والامور.
لقد تحدثت اجهزة الامن طويلا بانها قامت باعتقال منفذي الجرائم الارهابية وغيرها ووضعهم رهن الاعتقال، ومنذ سنوات لم نر شيئا، لم نر تقديم المجرمين للمحاكم او النيابات، لم نر قصاص او تنفيذ احكام فيهم، بل ان عدد من المجرمين يفرون من السجون، والبعض يتم اطلاقهم بضمانات، وهكذا يتم تمييع القضايا والالتفاف على العدالة في مدن هي اول من عرفت العدالة في المنطقة والعالم.
بدون العدالة لن نستطيع بناء مجتمع قوي ومزدهر وآمن، فالعدالة شرط للقوة والحظوة والرفعة، فقد قال الامام ابن القيم رحمه الله"ان الله يرفع الامة العادلة وان كانت كافرة ويضع الامة غير العادلة وان كانت مسلمة" اذن ما الفائدة من الاسلام بدون عدالة، ما الفائدة من الايمان بدون عدالة، ولنا ان ننظر لحالنا اليوم وحال اوطاننا لنعرف قيمة العدالة في حياة الامم والشعوب التي قطعت شوطا في التطور والرخى والرفعة، لانها قدست العدالة وعملت بها.
إذن بدون تطبيق العدالة في حق المجرمين والقتلة يؤدي الي انتشار الجريمة بصورة اكبر في المجتمع، ويخلق مجرمين جدد ينفذون جرائمهم بامان، وهم يعلمون انه لن يحاسبهم احد، ولن تجز رقابهم، ولن ينزل بهم القصاص الذي امر به الله تعالى، وهذا يقود المجتمعات للفوضى والتخبط وعدم الاستقرار الذي يعيق عملية التغيير والنموء فيها.
وغياب العدالة في الحكم والادارة هو الاخر منتج للجريمة باشكالها المختلفة، بسبب شعور بعض الفئات بالتهميش والاقصاء والاستبعاد، وهذا بحد ذاته يقود ايضا الي الاضطرابات السياسية والاجتماعية والانتفاضات والثورات.
كم من الجرائم حدثت وتحدث وبصورة يومية هنا وهناك، يجري التعامل معها بصورة سلبية فاقدة للخبرة والالتزام الوظيفي والاخلاقي، فيتم تميعها او تفتيتها داخل اجهزة الآمن قبل وصولها للنيابات والمحاكم، ولعدم وجود التنسيق والترابط بين اجهزة الأمن والمنظومة العدلية، فان الجرائم والقضايا الجسيمة تموت وتتلاشى دون تطبيق العدالة بحق مرتكبيها، وهذا ما حدث ويحدث وبصورة متكررة ودائمة منذ سنوات ثمان او سبع خلت.
على السلطات الحاكمة رسمية وغير رسمية تحمل مسؤوليتها الاخلاقية ازاء ما يحدث من تفريط في تطبيق العدالة بحق المجرمين والارهابيين والقتلة، وعليها ضبط بوصلة عملها وتحسين اداءها في هذا الملف الهام، واعادة تنشيط علاقة الأمن مع اجهزة العدالة لرفع الظلم عن المظلومين، وتطبيق النظام والقانون على الجميع، ومحاصرة الجريمة والقضاء عليها قبل ان يقضي المجرمين والقتلة على الحياة والأمن والاستقرار.
وعلى اجهزة الامن ان لاتستبق الامور، وعليها تقديم المتهمين والمجرمين للعدالة، وهي التي يفترض ان تقرر من المجرم ومن البري.