لا تستفزوا عدن

وصف عفاش نسيج عدن (هنود وصومال ), والعقليات التي تخلقت في حاضنته تصفه اليوم , (جبالية وعرب 48) , وعدن تفتخر بجمال فسيفساء هذا النسيج المتنوع ثقافيا وعرقيا , فلا تصطدمون معه , لأنه فوق مستواكم الثقافي والفكري والمدني , بولادته على أرض عدن , ورضاعته الثقافة والمدنية والتسامح والتعايش مع حليب أمهاتهم في عدن , الذين صاروا جزء أصيل من نسيج عدن .

عدن مدينة ومدنية , مدينة ترفض الثقافة والسلوك القروي , ومدنية ترفض العصبية والاصولية , فلا يمكن ان تدار عدن بكل الحالتين , عدن لا تخضع إلا لله والنظام والقانون , ومن أراد ان يكون جزءا من هذا النسيج , عليه ان يخضع للنظم والقوانين المعمولة , ان يخضع لثقافة التعايش والتسامح , وان يخلع عن كاهله ثقافة القروية والعصبية التي تعكر صفو عدن .

ومن حق عدن ان تعبر عن مكنونها من المعاناة , وان تسخط مما اصابها من انفلات قيمي واخلاقي , أمني وثقافي وسياسي , انفلات للمنظومة والنظام والانضباط , بسبب الجهل بقيمتها الثقافية والسياسية والاقتصادية , التي جعلت البعض يعتبرها قطعة أرض تتبع عصبته امتلكها بفوهة بندقيته , وصار له الحق أن يمارس ما يحلو له , وعلى الآخرين الطاعة والاستسلام ,لعقلية الصلف والعنجهية. حال عدن اليوم لا يسر عدو ولا الحبيب , وان عبر الناس بسخط عن حالهم , قذفوا بالاتهام والتخوين والتصنيف , بهواجس وشكوك الفوبيا المسيطرة .

في عدن انقسام مجتمعي مبني على العصبيات ,غيب الحق والحقيقة , والحقيقة ان عدن تتوق لدولة المواطنة , والنظام والقانون العادل, يحاسب الكبير قبل الصغير .

في عدن اليوم تنتهك الاعراض , والبسط على الاراضي والمتنفسات , في عدن جرائم قتل و اختطاف وسلب , وشارع ساخط لم يجد دولة مقنعة لتطلعه , ساخط من (كونان) الذي لم يقدم مجرم للعدالة , ولم تعقد جلسة محكمة منصفة , ساخط بسبب تفوق العرف القبلي على النظام ,ويستظل الناس بالقبيلة بدلا عن القانون كمظلة منصفة للجميع , شارع ساخط بفقدان الثقة بالقائمين على التنفيذ .

عدن تنضبط من خلال منظومة سياسية منضبطة مدنيا وثقافيا وفكريا , وتنفلت بانفلات المنظومة , وهي تعيش اليوم حالة انفلات غير مسبوقة , تعبر عنها بسخط , وعلى القائمين البحث بأسباب ودواعي هذا السخط ,لا الخوض في اتهام الساخطين , حتى لا يتطور السخط لرفض , والقضية مسئولية اخلاقية ووطنية على المسيطر ضبط إيقاع الحياة العامة , واستعادة ثقة الشارع .

من الصعب استغفال عدن , والبيان الامني , أضر بالأمن اكثر من ان يبرر له , لأن الشارع سخط لقضية خطف الفتاة , ويبقى السؤال قائما أين الفتاة المختطفة ؟, ما لم يبرهن الأمن عكس ذلك بالعثور عليها .

وتبقى الخصومة السياسية ونظرية المؤامرة لا تهم عدن , وهي تخص المتخاصمين بحيث لا ضرر ولا ضرار لعدن , ولا داعي للتبرير و الشكاء والبكاء , لأنه يقدم الخصم على أنه أكثر قدرة على الاختراق , وأكثر قدرة على القبول لدى الشارع , مع كل اتهام للناس انهم عملاء معه .

وسخط الشارع هو حق , خاصة فيما يتعلق بالقضايا ذات البعد الاخلاقي والقيمي , وعلى المسيطر ان يعيد بناء جسر الثقة مع هذا الشارع ,ويعترف بحقيقة فقدان الثقة , ويعيد ترتيب أوراقه , او يستمر باغي ومتجاهل , لنهاية قد لا يحمد عقباها , ونحن من الناصحين لله والوطن والجنوب.

مقالات الكاتب