اقزام امام عظمة فبراير

يحاول المحترم في هذا الزمن ان ينأ بنفسه من رداءة الواقع , فيحتمل كثير من غباء وسخافة اللاوعي , والاتهام والتزوير والتدليس ,  كرداءة للحرب , والشوائب التي تطفو حينما يتصدر الواقع العنف وقواه العفنة , والكراهية التي تفرز تلك الشوائب وتنفث تلك الروائح النتنة .

والصدمة التي لا تحتمل , ومن الصعب التغاضي عنها , هي تطاول الصغار على ثورة شعب , وارادة امة ,  كثورة فبراير بعظمتها وسموها ونبلها , وعلى قدر الالم الذي الحقته الثورة بالنظام الاسري البائد , نسمع صراخ وانيين نفوذ و فاسدي ذلك النظام واذنابه , وهم يتساقطون كأوراق الخريف, ويتساقط معهم عبيدهم ودنقهم , وتتهاوى مصالحهم الضيقة وفرص تطفلهم وهم يقتاتون  بقايا مخلفات الهوامير  .

الغير محتمل هو تطاول صغير كان يحبو , حينما كانت حالة الثورة تتشكل كضرورة في الوسط الاجتماعي والسياسي , وعندما اصبحت مطلبا ملحا , وبدء حدثها الثوري , كان هو يتهجى الحروف الهجائية لكلمة (الثورة ), فنضجت وبدء فعالها الثوري كواقع , وتعثرت , وتقاوم كل تعثراتها , ولازالت مستمرة حتى تحقق اهدافها , وهو لم ينضج بعد وعيا , بل تهاوى في وحل كارثي , من التطاول على الثورة كحاجة ملحة لتغيير الواقع ,بعد ان حررته من نظام اسري مستبد فاسد , وبدعم الجماهير التي هو منها ,ستقوده لتحول منشود لمستقبل يصونه ويحميه مما هو فيه من ابتذال ومهانة وارتهان وعبودية للمصلحة والدراهم , والاوهام التي تستعبده , والاصنام التي يعبدها , على حساب كرامته وشرفه وسيادة وطنه .

 مشحون بكم هائل من المغالطات , التي تجعل منه اداءة طوعا للتنفيذ ,و معظم امثاله لا يقرأون تاريخهم القديم ولا الجديد  , يكتفون بسماع حكايات يسردها لهم المغرضون في مجتمع متعصب , لهدف شل حركتهم  الثورية  , والابقاء على هشاشة وعيهم , ليكونا مجرد اداة تتقبل الحشو والتحريض .

وعي لم يتمكن من مجاراة وعي الثورة ولم يستوعب حركة التطور في المنطقة , لم تؤثر فيه احداث مجزرة جمعة الكرامة ولن يستوعب درسها , ولم يعايش واقع الثورة في ساحة الحرية  , ولم يكن جزءا من سمنار ندوة شبابية ومحاضرة ثقافية في تلك الساحات , ولم يشارك في مسيرة الحياة سيرا على الاقدام الحافية لمسافة 500 كيلو متر واكثر , وتهز مسامعه لتلك الحناجر وهي تهتف بالتغيير وتشق طريقها في وسط قبلي متعصب للسلالة , وانخرط في فعلها الثوري الذي لا يقبل حينها مبدأ (لا تعنينا )تلك المناطق , بل  كل شبر في الوطن معني , وقدمت التضحيات التي جعلت تلك المناطق تستقبل الثوار بحفاوة وترحاب , وتمكنوا من الاختراق ليجدوا لهم حاضنة لازلت تنتظرهم وتراهن على الثورة  ,لولا العنف والانقلاب الذي يفرض على الناس واقعه البائس , وحتمية زواله لا محالة  وستنتصر الثورة , ما كان تجرأ الاقزام وتطاولوا , وسيعضون اصابع الندم ذات يوم على كل كلمة ولفظ سيئ تجرأوا  به على ثورة 11 فبراير .

ندم نهاية كل فعل كاره وشامت , وحقد دفين , وموقف غبي , وحالة انتقام جردته من قيم انسانية واخلاقيات بشر , ليتحول لكتله متوحشة عنيفة ملعونة , لا تقبل الشراكة والاخر , ترى انها المنزهة , وانها المميزة , وانها المحقة , وان لها الحق في الولاية ,وكان الله ورثها الارض وما عليها , وغيرها مجرد متهمين عليهم الطاعة و الاستسلام والخنوع .

نهاية وخيمة لكل من يفبرك مغالطات تشويه الاخر , وشيطنته , ليبرز كبديل وملاك , بتوحش ينهش في عرض الاخرين , كعاجز في منافسة شريفة بالعمل والافكار التي تقدمه كمثال افضل مما هو فيه , تنتج تغيرا حقيقيا على الواقع المعاش , دون  تدمير لسبل الحياة والشراكة , في ممارسة ما ينهى عنه من بسط ونهب وانتهاك وجرائم يندى لها الجبين  , وتخريب واضح للتنوع والاطياف والالوان في وطن التعايش والوئام  .

سلوك كهذا لن يتوقف عند الخصم , بل سيمتد ليدمر الذات , وسيتوحش  على كل صوت حر يبرز من وسطه , وسيبدأ ينهش في جسده , ليتقطع اربا إرباء , ويصير هشا ,وهذا ما يحدث ,و قد لا يستفيق لا وهو ضحية غبية لتلك الاعمال الطائشة والمتهورة , كأوصال واشلاء من بقايا انسانية وبشر , لم يعو دورهم في التصالح والتسامح , في الحب والود والتقارب , في تقبل الاخر والنقد وتصحيح الاعمال ليستقيم العود , لبناء وطن يستوعب الجميع , بكل اطيافهم ومشارفهم السياسية والفكرية والثقافية , واعراقهم واجناسهم , ولله في عباده شئون .

مقالات الكاتب