"شوقي" ..القتلة خارج القفص!!

أفقت من نومي في ذلك اليوم الكئيب لاتلقى الخبر الفجيعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ..الشيخ شوقي كمادي اغتيل!! خبر نزل علي كالصاعقة فالشيخ رحمه الله كان قد تواصل بي الليلة اللتي سبقت لمعرفة أخبار المخفي قسريا التربوي زكريا قاسم والذي تربطه بالشيخ علاقة قوية.

الشيخ شوقي محمد مقبل كمادي من أبناء المعلا رجل عرف عنه أنه نذر حياته للتعليم ونشر التنوير من خلال مسجده ومدرسته على مدى أكثر من 20 سنة تعرفه مدينة عدن برجل الوسطية والاعتدال لذا فقد حل الحزن يومها كل بيت.

ظل معبرا عن تطلعات الشباب في ثورة فبراير خطيبا بليغا و كليما فصيحا في ساحتهم لم يفارق هموم مدينته و لا ابناءها فقد كان من الناس و الى الناس!

وعند اجتياح مليشيا الحوثي لعدن حمل على عاتقه ايواء النازحين و اغاثتهم وتخفيف معاناتهم فكان يدا حانية على كل من وصل اليه..

شوقي أحد ضحايا المخطط الكبير الذي استهدف مدينة عدن ولايزال في بنيتها التربوية والتنويرية من خلال تجريف رموزها وكوادرها المؤثرة، تخيلوا مدينة تفرغ من زارعي القيم و ومعلمي الناس الخير و مذكريهم بصوت الضمير، كيف يكون حال شبابها و اجيالها الجديدة.. انه مخطط للتخلص من حراس الفضائل والمعروف بين الناس واصحاب الرصيد الاخلاقي، فمجرد التخيل أمر مخيف ويبعث الرعب في نفوس العقلاء.

عام مضى بلغة الأرقام و أعوام مضت بحجم الخطيئة التي اقترفها قاتلو شوقي و رفاقه من المصلحين، فالقتلة في كل جرائم الاغتيالات التي شهدتها المدينة لم يقبض على احد منهم حتى اللحظة، بل ربما تجدهم يستعدون لخطيئة جديدة ليقترفوها في وضح النهار دون حسيب أو رقيب..تلك هي الجريمة الحقيقية! فحين تؤمن العقوبة يساء الأدب كمايقال..

و لا أقل جرما من القاتل الفعلي الا من يبرر له فعلته أو يمهد لها بخطاب التحريض في منصات التواصل من خلال بث الاكاذيب وترويج التهم وتضليل الرأي العام، ناشطي الدفع المسبق التي تطفح بهم وسائل التواصل يبثون خلالها اكاذيبهم دون خوف من الله أو وازع من ضمير.. انهم قتلة (مودرن) تجدهم يتكلمون عن احلام المدنية و الرقي وجوهر القضية! و أقلامهم تقطر دما وتطفح كراهية!..يقتلون بمنشوراتهم و لايكاتهم و شيراتهم ولا يشعرون بأدنى شعور بالذنب!..

لاتزال لوعة الحزن و الألم تخيم في قلوب كثير من محبي شوقي وتلامذته وجيرانه و أهل مدينته كأنما اغتيل البارحة، فزارع البسمة على شفاه الأطفال والكبار في مصلى العيد خطفته مشاريع الموت ومصاصي الدماء .. قتل شوقي اثناء خروجه من محراب تعليمه في ثانوية (مأرب) تلاحقه دعوات كل الكائنات التي تصلي على معلمي الناس الخير!

بكت شوقي عدن بكل اطيافها و الوانها و فئاتها..بكاه الصغير والكبير و الرجال والنساء.. والقريب والبعيد.. بكوا الاخ والسند والمعلم والأب والجار و رجل العامة والفزعات..

 لكن عزاؤنا في بقاء الخير اصيلا في هذه المدينة الولادة والمعطاءة التي عرفت العبادي والبيحاني وباحميش و الغرباني و كامل صلاح و جابر واحمد مهيوب والسروري وغيرهم كثير من حملة مشاعل النور والمصلحين الذين حتى و إن غيب بعضهم بقيت آثارهم حتى اليوم شاهدة عليهم واعقبتهم اجيال تحث الخطى على نفس الدرب والطريق..

حماك الله ياعدن من كيد الاشرار ..

إن القلم يدمع بمداد الألم و الأنامل تبكي لوعة الفراق ..حسبنا غدا نلقى الاحبة..

وانا على فراقك لمحزونون..

رحمك الله ياشوقي واسكنك في عليين واللعنة على قاتليك الى يوم الدين..

 

مقالات الكاتب