تعاليم الانتصار العظيم

"هنا وقعت سماءٌ ما على حجرٍ 

لتُتبزغَ في الربيع شقائق النعمان"

درويش

-------------------------------

تحل علينا الذكرى الثانية لتحرير العاصمة عدن من مليشيا صالح والحوثي في السابع والعشرين من شهر رمضان لتتزاحم معها احاديث الذكريات عن البطولات و التضحيات الجسام التي سطرها أبناء مدينتي مسجلة بذلك أول الاحرف من سفر الكفاح المجيد لاتزال صفحاته تكتب بماء الذهب حتى الان.

 

علمتنا الحرب ان لانصر الا بتكاتف الجميع و الابتعاد عن لغة التخوين و الاقصاء وترويج التهم، فوجدنا السلفي بجانب الحراكي والاصلاحي و الانسان العادي غير المنتمي يجمعهم حب المدينة و الاستعداد للتضحية في سبيل الدفاع عنها.

 

علمتنا الحرب ان لانصر الا بتماسك الجبهة الداخلية و أهمية الحاضنة الشعبية في توفير خطوط الامداد لصمود المقاومين في الجبهات.

 

علمتنا الحرب أن نخرج أفضل ما نملكه من مخزون قيمي و اخلاقي ورأينا مشاهد التراحم والتكافل و التكاتف في أبهى صوره، و ذهلنا من مواقف الصمود والعزة على حين فاقة وقلة يد لكننا لم ننكسر مقابل الحصول على شربة ماء او كسرة خبز، لسبب بسيط وهو اننا غلبنا المبدأ على حساب المصلحة.

 

وجدنا انفسنا اناسا أجمل، أرقى، أنبل، وغابت اخلاق السوء والانانية و الانتهازية حتى تمنينا ان تستمر الحرب! و تبقى تلك المواقف و المشاهد الجميلة.

 

كانت الحرب و مارافقها من تعاليم تنبئنا عن النموذج الذي يجب أن يكون عليه أبناء مدينتي إذا ما أرادوا أن يحافظوا على مكتسبات النصر و يستظلوا بأفياء التحرير جديرين ومستحقين.

 

إنها أشبه بتعويذة النصر والشهادة، فلن اتحدث عن مواقف الشجاعة و لا عن حجم التضحيات و لا كمية الألم الذي تحمله أبناء مدينتي، لكن يكفي ان تعلموا أن شهداءنا أجمل شيء عاش بيننا و مقاومتنا أنبل فعل يمكن الحديث عنه.

 

كانت الحرب قرابة المائة يوم ويزيد في ليالي سهاد يستطيل و لاينطوي،

 

وكان يوم النصر بهيجا من ساعته معلنا ساعة الخلاص والانعتاق الكبير  و مستبشرا بميلاد جديد، وكبرت منائر مدينتي فرحا بنصر الله و شكرا لحراس المدينة، وذرفت المقل دموع الفرح و الحزن معا.

 

لقد تفرق شمل الغزاة و ضربوا في مقتل وتلقوا اقوى ضربة من حيث لم يحتسبوا، ومرغت انوفهم في التراب وكسرت غطرستهم على صخرة العز و الإباء، واستجاب الله دعاء الارامل و الثكالى و أضحى أبطالنا قدرا يطبق مفردات العدالة على البغاة و القادمين من الكهوف.

 

لقد راهن الغزاة على جميع وسائل التركيع و بث الفرقة من أول يوم، لكنها اصطدمت بالشموخ و التأبي عن القبول بأنصاف الحلول وتمييع القضايا، والتي مهدت لاستجلاب الانتصار العظيم.

 

#عدن_ذكرى_النصر2

مقالات الكاتب