غزل حوثي.. وثمن هادي

لست مدافعا عن عبدربه منصور هادي لا بصفته رئيسا ولا كشخصٍ، كما أني لست في موقع يمنحني فرصة النيل من جماعة الحوثي.
بقدر ما أنا قارئ للأحداث التي يتأثر بها بذات القدر الذي تؤثر في حياته ولا يقوى على التأثير فيها قيد أنملة.. ومن هذا المنطلق يمكن قراءة انطباعي عما يراه الكثير بأنه "ضربة" الموسم المتلخص في المكالمة الهاتفية بين الرئيس هادي ومدير مكتبه د. أحمد بن مبارك والتي عملت جماعة الحوثي على تسريبها وبثها عبر قناة المسيرة.. وغيرها وثائق هامة أخرى.. دعونا نقرأ الحالة من زوايا عدة:


٠ الزاوية الأولى: لقد سقطت جماعة الحوثي سقوطا أخلاقيا وكثيرا ما ينقلب السحر على الساحر ..حيث اعتقدت بأنها من خلال قيامها بهذا العمل سوف تضرب اكثر من عصفور بحجر واحدة وبذات الحجر تحقق اكثر من هدف.. لكن لا عصفور سقط بحجرة الحوثي ولا هدف تحقق.. بقدر الاساءة التي لحقت بجماعة الحوثي من جراء ذلك الفعل الذي لم يقدم عليه قبلها احد في اطار اساليب الابتزاز الرخيصة عادة.


٠ الزاوية الثانية: إن حالة الغزل التي أبدتها وتبديها كعادتها جماعة الحوثي تجاه الجنوبيون سرعان ما تتكشف خفاياها المتسترة خلف دغدغة العواطف ومن يتابع قناة المسيرة – لسان حال الحوثي- يدرك كم هو حجم التحشيد والضغط من خلال مقابلات مختارة ومنتقاه مع كثير من اتباعهم بحرصهم على الدفاع عن الوحدة وأنهم لن يسمحوا بأي خطوة أو إجراء يمس الوحدة.. وهذا يذكرنا بالحالة التي اتبعها نظام المخلوع صالح قبيل حرب 1994م وانتج شعار "الوحدة أو الموت" لإثارة قبائل الشمال لمقاتلة الجنوب المطالب بالانفصال.


٠ وبالتالي فإن ركون الحراك الجنوبي على "صدقة" السيد وجماعته أمر مفروغ منه.. ولا ينبغي على أبناء الجنوب الانصياع أو الالتفات واتخاذ موقف من الرئيس هادي من خلال ما بدر منه من "الفاظ" غير مستحبة ولا ينبغي أن تصدر عنه لكن الوقت غير مناسب لمناكفات جنوبية/جنوبية أيا كانت أطرافها، لأنه لا الجنوب ولا أهله ولا القضية الجنوبية يمكن أن تستفيد من ذلك بقدر خسارة الجميع وأن الفائدة سوف تصب في ميزان الطرف الاخر المتربص بالجنوب وقضيته العادلة.. وايضا يتوجب التساؤل لماذا في هذا التوقيت بالذات يتم بث وتسريب مثل تلك المكالمات ؟.. قد تكون لأبناء الجنوب مواقف وأراء و "كلام" ضد الرئيس هادي من منطلق ما يشاع عن موقفه من القضية الجنوبية مع أن هناك كثير من القوى والشخصيات ( الشمالية ) تتهم هادي بوقوفه قلبا وقالبا مع الحراك وأنه الداعم الرئيسي للحراك الجنوبي وأنه يعمل جديا على فصل الجنوب من خلال كثير من الخطوات والاجراءات التي قام بها.. ومن منطلق ذلك يجب أن لا تنطلي على الحراك الجنوبي خصوصا وأبناء الجنوب عموما هذه اللعبة قبل اكتمال حلقاتها لاسيما وأن المكالمة التي سربت ماهي إلا مجرد سطر في كتاب الازمة والاحداث المرتبطة بها ولا ينبغي فصلها عن بقية صفحات الكتاب، والحكم في ضوئها.


٠ الزاوية الثالثة: إن جماعة الحوثي تسعى إلى تجريد الرئيس هادي من مكامن قوته وأبرزها الحراك الجنوبي الذي يعد الظهر الواقي لهادي وعلى هادي أن يدرك ذلك جيدا وأنه لولا قوة الحراك الجنوبي لكانت قوى صنعاء قد "لحسته" من أول يوم فقوة هادي من قوة الحراك الذي تضع له قوى صنعاء الف حساب وحساب، حيث تقوم جماعة الحوثي بسحب أوراق قوة وضغط هادي ليبقى وحيدا عاريا من أي غطاء وبالتالي يسهل لها الاجهاز عليه بسهولة ويسر لإدراكها أن لا احد يقف خلفه حتى تخشى ردة فعله.. وهذا يلزمنا الرجوع بالذاكرة إلى منتصف عام 1977 حادثة اغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي.. وكيف دبرت له خطة ايجاد جثتي فتاتين فرنسيتين ليسهل تمرير عملية الانقلاب عليه وقتله.. وتهيج الناس من النواحي الاخلاقية عليه ليتغاضوا عن دمه والانتقام له.


٠ الزاوية الرابعة: وهي المرتبطة بموقف الحوثي من القضية الجنوبية وكم تغير هذا الموقف مرات .. فما كنا نسمعه من فريق الحوثي في مؤتمر الحوار دغدغ مشاعر الجنوبيون، لكن تلك الاحلام انتكست فجأة مع اول خطاب لعبدالملك الحوثي عقب سيطرة جماعته على صنعاء في 21 سبتمبر الماضي.. ثم تلاحقت تبدلات المواقف الحوثية تجاه الجنوب وأهله وقضيته.. وها هي لم تعد متمسكة ومدافعة عن "مظلومية" الجنوب – كما يصفها عبدالملك – وموافقتهم بأن يقسم اليمن إلى اقليمين بل إنهم اليوم يعيدون انتاج فيلم "الوحدة أو الموت" وهو هاجسهم ومشروعهم الذي لن يحيدوا عنه أبدا مهما كلفهم الامر.. وبالتالي فإن على أبناء الجنوب الحذر واليقظة من "المغازلة الحوثية" والادراك بأن تسريب المكالمة وغيرها من "أوراق" الدغدغة لم ولن تكون من أجل عيون الجنوب وأبنائه وسعيا للوقوف مع أبناء الجنوب لتحقيق هدفهم في فك الارتباط واستعادة دولة الجنوب.. بقدر ماهي منع الجنوبيين من تحقيق ذلك الهدف حبا وسعيا نحو السيطرة على ثروات الجنوب ونهبها.

نقلا عن صحيفة الامناء 21يناير 2015

مقالات الكاتب