القات في ذكرى الهبّة

في العشرين من ديسمبر من العام الماضي هبّت رياح الهبّة الحضرمية التي عمّت كافة مناطق حضرموت وتجاوبت مع صداها كثير من محافظات الجنوب العربي وقد عوّل الكثير عليها بأن تكون حاملة مشعل الخلاص من الكابوس الجاثم على صدر الشعب لعقود طويلة منذ أن سلبت هويته وألحقت بهوية غيره وانتهاء بالاجتياح الكبير للأرض والإنسان في صيف 1994م.

 

وقد استشعر النظام اليمني خطورتها عليه ولذلك سرعان ما أرسل سماسرته في محاولة لوأدها في مهدها وتفريغها من محتواها والتخفيف من آثارها القريبة والبعيدة وظاهريا ربما حقق النظام ما خطط له إلا من إيصال الناس إلى مرحلة الإحباط  فهذا دونه خرط القتاد فالمارد قد انطلق من قمقمه فلن يهدأ له بال حتى تحقيق أهدافه المرجوة بالحرية والاستقلال والوطن المستقر والعيش الرغيد لكافة أبناء الوطن.


ومن صدى التفاعل الشعبي مع الهبة وانطلاقها إدراك عموم جماهير الشعب أن ظاهرة الاحتلال الاجتماعي والمالي يتمثل في شجرة القات التي احتلت العقول وأنها من العوامل الرئيسة في بقاء الاحتلال والداعم الاقتصادي الأول لكل أركانه ومكوناته فلهذا كان الانطلاق نحو أسواق القات لاقتلاعها من داخل المدن هدفا شعبيا لامناص عنه وهناك كان التصدي من التجار المسلحين والذين في غالبهم إما عسكريين وإما بلاطجة كبار القوم فسقط الشهيد الطالب الجامعي عمر بازنبور مضرجا بدمائه وعدد آخر من الجرحى ليرووا بدمائهم الزكية شجرة الحرية المنشودة  ومنع القات في الأيام الأولى من دخول كثير من مناطق حضرموت، لكن وآه من  لكن أداة الاستدراك ، فواقعا لم يصمد هذا المنع كثيرا فقد كان احتلال العقول من قبل هذه الشجرة قد بلغ مداه في الأجيال بطريقة يصعب معالجتها  بسهولة وأن انتشاره لم يكن بمحض الصدفة بل كان ضمن خطة سياسية اقتصادية ممنهجة أبدع فيها تجار الحروب حتى يضربوا هذا الشعب في مقتل بعد أن غزوه بهذه النبتة الخبيثة في شبابه وفلذات أكباده بعد أن ارتفع أعداد مدمني القات من  هذه الشريحة بشكل مهول .


وهكذا سارت الأمور من سيئ إلى أسوأ وكم هو محزن وكما ذكرنا في مواضيع سابقة أن نرى النخب والقيادات الحراكية أول مدمنيه ولا تخلوا  فعالية من الفعاليات  من القات ومتعاطيه  بل بنظرة سريعة على خيام المعتصمين في ساحة العروض بخور مكسر تؤكد هذا الأمر فعلى مدى شهرين كاملين وإذا افترضنا بأقل نسبة تقدير أن 5000 شخص يصرف الواحد منهم 1000 ريال يوميا على القات فمعنى ذلك 5000000  يوميا بإجمالي 300000000 ريال يمني خلال شهرين فقط وهذا مبلغ ليس بالسهل بأي حال من الأحوال .


وهكذا الحال أيضا لدى رجال الهبّة بدءا برئاسة الحلف وانتهاء بالنقاط في الطرقات التابعة للحلف فلا يكاد يمر عليهم يوما واحدا من دون قات ، 
فكان الأولى أن يمتنع الجميع عن ذلك أن لم يكن لعدم إدراك أهدافه ومراميه السياسية والاقتصادية لنظام الاحتلال فليكن على الأقل حمية من اجل من ضحى بروحه لإخراج سوق القات عن مدينته في يوم انطلاقة الهبة المباركة التي نحتفل بذكراها الأولى وبعد أن تصعّبت الأهداف الكبيرة  فهل نجعل لنا خطة إستراتيجية نجعل  من أهم الأهداف فيها  التخلص من القات بشكل نهائي وهو الهدف الأول على طريق تحقيق الهدف الأكبر .  آمل ذلك .


(صحيفة الأيام العدد 5900  الأحد 21/12/2014)

مقالات الكاتب