مؤتمر غير جامع

وقعت بين يدي وثائق اللجنة التحضيرية لما يسمى بـ"المؤتمر الجنوبي الجامع"، ومن بينها "الوثيقة التنظيمية معايير اختـــيار المندوبين إلى المؤتـمر الجنوبي الجامع على قاعدة التـــحرير والاستـــقلال وبناء الدولة المستــقلة كاملة السيادة" (العنوان منسوخ كما هو) ومن بين تلك المعايير التي تعتمد على التفتيش في النوايا والضمائر كخطوة تأسيسية للجنوب العربي المنشود الذي تتحدث عنه تلك الوثائق والأدبيات التي لم تشر، لا صراحة ولا ضمناً، للكيان السياسي القائم قبل عام1990، باسمه وهويته، من بينها ما جاء في المعايير الخاصة "2. أن يكون مؤمناً بهدف تحرير واستقلال الجنوب أو ينشط في إطار مكون له هذا الهدف تحديداً"، ولا أدري الكيفية التي ستقاس من خلالها درجة الإيمان او الكفر بذلك الهدف؟!

 

وتحدثت المعايير العامة، عن "2. التحلي بدرجة عالية من الشعور بالمسؤولية الوطنية والالتزام بحقوق الإنسان"، دون ذكر من هي الجهة المخولة بتحديد الشعور بالمسؤولية الوطنية، ومدى التزام الفرد بحقوق الإنسان، او ما المقصود بالمسؤولية الوطنية تلك؟ والسؤال الأهم: هل التحريض ضد الآخر المختلف يعد من مضامين حقوق الإنسان؟

 

ومنها أيضاً "3. أن تكون شخصية توافقية وذات سمعة جيدة ، دون وجود ما يثبت ارتكابه/ أو ارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان أو جرائم ضد الإنسانية أو أي انتهاكات للقانون المحلي أو الدولي". ما المقصود هنا بالقانون المحلي؟

 

هل هو اعتراف بقانون "المحتل"؟ أم قانون آخر تعتمد عليه تلك اللجنة التحضيرية لتحديد طبيعة الانتهاكات من عدمها؟

 

اللجنة التحضيرية في وثيقتها التنظيمية تلك وهي تتحدث عن النسب التمثيلية في المؤتمر للمجتمع الذي قسمته الى ثلاث مجموعات، بالقاء نظرة سريعة على ترتبية المجموعة الثانية "(2) فئات وشرائح المجتمع"، تكتشف من خلالها ماهية وطبيعة الجنوب العربي المنشود، تأملوا معي هذه التراتبية، وانظروا أي فئات تتصدرها، وأين يقع ترتيب المجتمع المدني والأكاديميين؟

 

(أ) مكونات تعبر عن مؤسسات دولة الجنوب السابقة.

(ب) شخصيات المجتمع التقليدي.

(د) شخصيات دينية جنوبية.

(ج) مكونات نقابية واتحادية ومجتمع مدني.

(هـ) مكونات علمية أكاديمية.

(و) شخصيات وطنية مستقلة.

(ز) مكونات عمرية ونوعية.

(ح) الجاليات الجنوبية.

 

تضمنت تلك الوثيقة "التنظيمية" ما أسمته "(سابعاً) معايير المواطنة الجنوبية للمشاركين في المؤتمر"، واجتهد معدّوها في تعريف المواطنة الجنوبية الجديدة وفق مفاهيمـ"هم":

 

"المواطن الجنوبي: هو كل من له عضوية في المجتمع السياسي الجنوبي، تعادل انتماءه السياسي لدولة الجنوب المحتلة بكل مكوناتها (كياناتها) السابقة. والمواطنة الجنوبية هي نضال وليست منحة، مسؤولية وليست هبة، شعور بالانتماء للوطن الجنوبي وليست مجرد الإقامة فيه، مشاركة فعّالة وليست تهرُّبا أو انعزالاً، وهي أيضاً مواطنة مستمرة وليست ثابتة".

 

تلك قراءة سريعة لبعض بنود وثائق اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي غير "الجامع" والتي تؤسس لجنوب "لا" يتسع لكل أبنائه.

مقالات الكاتب