التوافق على آلية تشاركية لاتخاذ القرار .. هو المسار الآمن الذي يمكن البناء عليه

إن حالة الجمود والمراوحة لآليات التعاطي مع الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية الذي تشهده محافظات الجنوب والمناطق المحررة منذ اتفاقية الرياض وحتى اليوم هو نتاج طبيعي للتركيبة السياسية التي نتجت إستجابة لمؤثرات خارجية مرحلية ارتبطت بظروف موضوعية غاية في التشابك والتعقيد ، أسهمت الى حد ما في انتاج مقاربة سياسية فريدة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والشرعية اليمنية لمواجهة تداعيات المعركة العسكرية والسياسية والاقتصادية التي فرضتها المليشيات الحوثية ، إلا إن هذه المقاربة المرحلية بنيت خارج سياق الأحداث والوقائع الميدانية لحدود السيطرة والانتشار على الأرض .. متسببا ببروز واقع غريب ومنطق مشوه .. فتح الباب على مصراعيه لقوى نفعية انتهازية للصعود والإستئثار بالسلطة والموارد على حساب تضحيات شعبنا الذي قدّم قوافل من الشهداء لتحرير أرضه ودحر فلول المد الفارسي وتحقيق الانتصار بدعم التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ، والإمارات العربية المتحدة، اللتان كان لهما الفضل بعد الله في الإنتصارات التي تحققت .

 يمكن القول إن الحاجة ملحة لإعادة هندسة الواقع السياسي للبلد في ظل المتغيرات الراسية والأفقية التي شملت مختلف الأصعدة وعلى كل المستويات محليا وإقليما ودوليا، وهذا الحال يتطلب تدخلاً عاجلاً من الرعاة الاقليميين والدوليين وعلى رأسهم التحالف العربي لإعادة تفكيك التركيبة السياسية القائمة .. وإصلاحها وفقا لمبدأ تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص .

إن المتابع المحايد والمنصف لمسار ما يمكن تسميته بالشراكة في إدارة مؤسسات الدولة بهياكلها المتمثلة في مجلس القيادة الرئاسي والحكومة سيجد إن المتضرر الأكبر من هذه الشراكة الغريبة هو شعب الجنوب من باب المندب غرباً الى المهرة شرقا ، فأصبح كل جنوبي يرى في هذه الشراكة حبلا ملتفا على عنقه ، محاولاً بكل ما أُوتي من قوة وبأس الخلاص والتحرر من براثنه عاجلاً أم آجلاً، ولسان حاله يقول إن رفع الضرر أصبح ضرورة لإنهاء الغبن التاريخي الذي لحق بهم منذ عقود ، ولحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة ككل .

إن الوضع العام كما نراه بصفة عامة ونلمس أثره وتعقيداته يتطلب تدخلاً عاجلاً لتصويبه واعادة الإعتبار للدولة ومؤسساتها وقنواتها الرسمية وإصلاح آليات اتخاذ القرار من خلال إعادة صياغة الشراكة وفقا لمحددات مستقاة من جوهر تحالف الضرورة التي بُنيت عليها المرحلة الانتقالية ، والتي من أهم مرتكزاتها تمكين أصحاب الأرض من السلطة والموارد والثروة وقيادة المؤسسات ، وإدارة شؤون المحافظات دون وصاية .. ومن ثم تهيئة الأرضية لفتح كل الملفات دون تحيُّز أو إنتقائية ، وعلى رأسها قضية شعب الجنوب ، وتمكينه من تحقيق تطلعاته في استعادة دولته ، ونيل حريته ، وكرامته وحقه في الحياة أسوة ببقية الشعوب ، بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي .  

ونرى في الدعوة التي أطلقها رئيس هيئة التشاور والمصالحة للتوافق على آلية تشاركية فاعلة لصناعة القرار داخل مجلس القيادة الرئاسي، لإنهاء حالة الجمود والمراوحة، والعمل على مواجهة التحديات الراهنة .. هو المسار الآمن الذي يمكن البناء عليه لتجنب أي مآلات لا يمكن التنبوء بنتائجها .

ودمتم بكل خير

مقالات الكاتب