السلام الذي ننشده
جهود كبيرة تشهدها الساحة المحلية والإقليمية والدولية لاستئناف المفاوضات السياسية وإحياء مسار عملية السلام في بلادنا بغية التوصل لاتفاق شامل ينهي الحرب المدمرة التي فرضها تنظيم الحوثي الإرهابي المدعوم إيرانيا على شعبنا اليمني التواق إلى بلوغ حالة من الأمن والاستقرار في ظل سلطة شرعية ديمقراطية عادلة لا تؤمن بالفوارق والامتيازات بين أبناء المجتمع المتعايش منذ غابر الزمن وحتى حاضره الذي أثخنه تنظيم الحوثي الإرهابي بكل أوبئة الطبقية والتمييز، وأثقل كاهله بأعباء حياتية جراء استنزافه لخيرات الوطن ومصادر دخل المواطن بالسرقة والنهب والاتاوات والجبايات التي ما أنزل الله بها من سلطان.
جهود تبذل لبلوغ سلام لا يتغياه شعبنا إلا سلاما يحفظ حريته وكرامته ووفقا للمرجعيات الثلاث التي أقرها بكل نوعاته المجتمعية وتوجهاته السياسية والمتمثلة بالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرارات الأممية ذات الصلة بالشأن اليمني الراهن وفي مقدمتها القرار 2216.
نعم سلام يراعي مصالح الشعب وإرادته الحرة وثوابته الوطنية التي انقلب عليها تنظيم الحوثي الإرهابي بدعم من إيران لتحقيق أهدافها وتوسيع أطماعها في اليمن والمنطقة، وفي مقدمة تلك الأهداف والمطامع تغيير البنيتين الثقافية والديمغرافية في اليمن وتلبية أطماعها في التوسع شمالا حتى بلوغ الأراضي المقدسة في المملكة العربية السعودية الشقيقة التي تناصبها إيران العداء منذ أن استولت الآيات الخمينية الشيطانية على السلطة في إيران إبان انقلابها على سلطة الشاه محمد رضا بهلوي إعمالا لما يسمى بمبدأ تصدير الثورة إلى دول الجوار الإقليمي، والذي أحدث زعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة، بل والعالم بفعل التدخل الإيراني السافر في شؤون دول المنطقة ومحاولة الهيمنة على الممرات المائية الدولية، كما هو الحال في البحر الأحمر الذي يشهد قرصنة حوثية أضرت بأمن الملاحة الدولية بذريعة نصرة المجاهدين في غزة، وهو فعل يهدف بالأساس إلى خنق بعض دول المنطقة اقتصاديا وإخضاعها للنفوذ الإيراني الإسرائيلي المتصدران لما يسمى مشروع الشرق الأوسط الجديد.
على رعاة السلام في اليمن أن يضعوا في حساباتهم أن أي سلام ينتقص من حق الشعب اليمني في الحرية والكرامة والأمن والاستقرار في ظل دولة ديمقراطية عادلة تتساوى فيها الحقوق والواجبات، ويعلو في نظامها مبدأ التعايش بين أبناء المجتمع لن يكتب له النجاح مهما كان حجم الضغوط الهادفة إلى انتزاع تنازلات تمس الثوابت الوطنية التي يسير وفقا لمقتضاياتها شعبنا منذ تليده المؤثل بالتضحيات الكبيرة في سبيل بلوغها، والحفاظ عليها جيلا بعد جيل، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.