سننجو مهما كان حجم المؤامرة!
لا تظلموا ثورة الربيع العربي , كانت حاجة ملحة لاستعادة بوصلة المعركة الوطنية للامة , بعد ان شعر المواطن العربي ان ثوراته التحررية تربع عليها اصنام تديرها استخبارات الأعداء , وبدأت تتشكل أنظمة اسرية , تريد ان تجعل من الأنظمة الجمهورية ممالك خاصة , والاوطان زرائب يديرها راعي من رعاة تلك الاستخبارات , والراعي لا يحتاج غير كم كلب , وشعب مجرد قطيع .
حاجة فرضتها الظروف الموضوعية , وتشكلت الظروف الذاتية لانطلاقها , من وعي ثوري , وثقافة التغيير , وتحول منشود , يستعاد فيه حق الناس في إدارة شؤونهم بعيدا عن الوصاية , وهذا ما ازعج الرجعية العربية , والاسر الحاكمة الاقطاعية , وهمت بكل وقاحة لإنقاذ ادواتها من السقوط .
لا يمكن للحوثي ان يغزو صنعاء وبقية المدن اليمنية دون دعم إقليمي او دولي , وفي اقل الاحتمالات كان مدعوما لغرض خلط الأوراق , وإنقاذ نظام عفاش , بدليل تحالفه مع عفاش , وهي الفرصة التي التقطها الحوثي , لينقلب على الجميع بما فيهم حليفه الرئيسي الذي سلمه كل مفاتيح مخازن السلاح والمال والسلطة .
وهذا ما اربك المشهد على الجميع , مما اضطر الاسر الحاكمة في الإقليم للتدخل العسكري , حينها انتقل التدخل الخارجي من تحت الطاولة لفوق الطاولة , وانفتحت اغطية البالوعات , وانطلقت كل الروائح النتنة والعفن , وكل الفيروسات الضارة ,وبرزت الاطماع واستفحل الفساد , وتشكلت أدوات العمل , وتم توظيف ما يمكن توظيفه , من تناقضات وأدوات رخيصة , وضمائر فاسدة , في سوق مستفحل بأنظمة مرتهنة وفاسدة , وتتوفر فيه الأدوات الرخيصة .
لم يتدخل العالم المنافق وادواته الإقليمية من اجل سواد عيوننا , وأخطأت القوى الثورية بالتسليم والارتهان على هذا التدخل , والنتيجة ما نراه اليوم , ونعاني منه .
صار الفساد سيد الموقف وبكل بجاحه , نهب بسط واستحواذ واستئثار بالسلطة والثروة , وتوحش الاستبداد , وتم عسكرة الحياة السياسية والعقائدية , عسكرة المذهب والفكر والمعتقد , وصارت البندقية منفلته تحمي المصالح والاطماع والانانية , وغابت الوطنية , وغاب معها روح السيادة والإرادة , فلم نجد سوى أدوات الموت والانتهاك والسجون السرية , نهب الأراضي والمتنفسات , تدمير البنية التحتية , وتعطيل المرتكزات الاقتصادية , السيطرة على الموانئ والمطارات ومصادر الثروة , تجويع الناس , حرمانهم من ابسط وسائل الحياة والخدمات , مخطط استخباراتي خبيث واجرامي , وجد البعض نفسه أداة من أدوات ذلك المخطط .
ما نشاهده اليوم هي إعادة صناعة الاصنام , وإعادة تشكيل أدوات القطيع , وشعب مقهور ومنحوس , وهو يشاهد أدوات المذهب ودعاة الفضيلة , يتحولون لمجموعة عسكر , ويشاهد السياسيين وخطابهم العقيم المناطقي القذر والطائفي القبيح , والعنصري البغيض , والكل انغمس في المال المدنس , واستلذ طعم الحرام , في دفاع مستميث عن مصالحهم , الا الوطن صار وحيدا , والقلة القليلة التي تصرخ وتواجه هي عرضة للاستهداف , للإقصاء والتهميش , في محاولات لإخراجها عن المشهد , وللأسف الأغلبية الصامتة لم تتحرك بعد , وفيها الامل ان تحركت ستقلب الطاولة على كل هذا العفن.
لن تقوم لنا قائمة , لا اذا استشعر الجميع بالخطر , وتشكلت جبهة انقاذ ما يمكن إنقاذه من وطن يتعرض لشتى وسائل التدمير , ومواطن يتعرض للإذلال والمهانة , جبهة إنقاذ من كل الصامتين والصابرين , أصحاب القيم والمبادئ والاخلاقيات , في مواجهة من سقطوا لأسقاط وطن , و الأوطان لا تسقط , والشعوب لا تموت , وقدرها ان تنجو , وستنجو مهما كانت حجم المؤامرة .