الرفض الشعبي لمشروع الحوثي
يوماً بعد يوم ومع إيغال الجماعة الحوثية في انتهاج العنف والقهر لفرض مشروعها العنصري القائم على إعادة إنتاج الطبقية والتمييز الاجتماعي والاتجاه نحو الاستئثار بثروات وإمكانات البلد مع جهودها في كل ذلك تبرز إلى السطح علامات وإشارات تؤكد الرفض الشعبي لهذا المشروع ككل، وهذا الرفض منشأهُ قناعة اليمنيين أن الأفكار التي يتكئ عليها مشروع الحوثي غير صالحة لإدارة حياتهم ومصالحهم ، وإدراكهم أن مشروع الحوثي طارئ على اليمن واليمنيين ولا ينسجم بالمطلق مع القيم المغروسة في الذات اليمنية التي تربت على التمرد على القهر مهما كانت سطوته، ومقاومة التسلط مهما بلغت قوته .
وكنموذج حي يمكن ان ينطبق على أي محافظة أخرى لكنه بدا جلياً خلال الأسبوع الماضي في محافظة "إب" التي عمل الحوثيون فيها على غرس مشروعهم بشكل مركّز عبر الدورات الطائفية التي ألزموا كافة القطاعات بحضورها، والسيطرة على المساجد إمامةً وخطابة، وتجيير الخطب والمحاضرات والدروس كلها لخدمة مشروعهم ، وممارسة الترهيب بالقتل والسلب والسجن والترغيب بلقمة العيش والفتات من المال والمناصب والتعيينات وكل ذلك لحشد الناس إلى صفهم، وتأصيل المشروع الحوثي العنصري لديهم ، لكن ماذا حدث؟!
حدث العكس تماماً فمجرد انطلاق شرارة مقتل الناشط "المكحل" لم يتمالك أبناء "إب" غضبهم المكبوت، وأعلنوا عن قناعتهم الرافضة، ومع أن هذا الإعلان قد يتسبب لهم بالمتاعب على المدى القريب لكنه على المستوى البعيد يؤسس لحالة رفض اجتماعي للمشروع الحوثي ظهر لأول مرة بهذا الزخم مع انه لا يمكن إنكار وجوده وتأصله منذ بداية الانقلاب .
وحتى نكون منصفين فإن "إب" إن بدأ للبعض خلال السنوات الماضية أنها استكانت فإن ذلك ليس صحيحاً فهناك قطاع كبير من أبناء هذه المحافظة وقفوا ضد الانقلاب وانضموا لجبهات المواجهه معه في تعز ومارب والجوف والساحل الغربي والحدود، وسقط منهم شهداء وجرحى في كل جبهات الوطن، ناهيك عن عدد كبير من الاعلاميين والحقوقيين والناشطين من أبناء المحافظة سخروا جهودهم لمقاومة المشروع الحوثي ، وكل هؤلاء سواء في جبهات المواجهة أو منصات العمل المدني لازالوا على موقفهم المقاوم والرافض للحوثي كمشروع عنصري وكانقلابي يسعى لاستعادة دولة أجداده الإماميين الذي كان لأبناء "إب" دوراً فاعلاً في اسقاطهم ، ولا تذكر ثورة 26 سبتمبر وشهدائها إلا ويبرز في مقدمتهم "الشهيد علي عبدالمغني" رحمه الله .
يرفض اليمنيون مشروع الحوثي لانه طارئ ودخيل ولا يتناسب مع قناعاتهم وتطلعاتهم لوطن تسوده الحرية والمساواة لا مجال فيه أبداً لان تسود سلالة مقيتة رفضها الأجداد من قبل وقاوموها طوال تاريخهم، وأسقط الأباء أخر نسخها في 26 سبتمبر ، وتلقف الأبناء راية النضال لمنع الإمامة من أن تعود من جديد ، ومادام هذا الرفض الاجتماعي وروح المقاومة حاضراً فلا خوف ولا وجل ، وإن استكانت الأرض لبرهة وظنها البعض استسلاماً فإنه ليس كذلك انما هو استعداداً لجولة جديدة من المقاومة والرفض ، ليس في "إب" وحدها لكن في كل المحافظات التي ترزح تحت سيطرة هذه المليشيات التي لم تدع بشراً ولا شجراً ولا حجراً إلا وكوته بنارها .
دمتم سالمين ..