المدنيون في مرمى مليشيات الحوثي

أعاد تقرير لجنة الخبراء الأخير والمقدم إلى مجلس الأمن الحديث عن انتهاكات مليشيا الحوثي التي لم تتوقف بحق المدنيين اليمنيين ، ومع أن التقرير حقق فقط في 5 من هذه الوقائع إلا أن العدد الفعلي لفترة التقرير قد يشكل عشرات أضعاف هذا الرقم ، ولم يحقق الخبراء إلا في نماذج فقط من حالات الاعتداء (في تعز ومأرب وشبوة) حسب ماجاء في التقرير.

طوال فترة حرب الحوثيين الأخيرة على اليمن واليمنيين مثل المدنيون هدفاً سهلاً لانتهاكاتهم في كل منطقة وطأتها هذه المليشيات أو وصلت اليها مقذوفاتهم ونيرانهم، وشملت قائمة الاذى الحوثية قصف الاعيان المدنية كالمدارس والمستشفيات والملاعب الرياضية والشوارع العامة والحدائق في ذروة تواجد الناس فيها ، كما مثل القناصون الحوثيون كابوساً مميتاً للمدنين في المناطق التي تقع قرب مواقعهم ولم يستثنوا طفلاً أو شيخاً أو إمرأة وتوجهت رصاصتهم لتوقع العديد من القتلى المدنيين وتتسبب بعدد أخر من الإعاقات والاصابات المختلفة، وتوقفت كثير من مصالح السكان المدنيين بسبب رصاصات القناصة وهجر الناس منازلهم واعمالهم التي تقع في مدى الرصاصات الحوثية ليتحولوا الى مخيمات النزوح.

كما شكل حصار المدن شكلاً أخر من الأذى الحوثي بحق المدنيين، وفي كل مدينة هاجمها الحوثي منذ بداية انقلابه وحربه كان الحصار واغلاق الطرق والمنافذ هي أول الانتهاكات التي يمارسها بحق المدنيين فيها ، وكانت تعز أكثر المدن التي نال منها الحصار إذ تم اغلاق كافة الطرق المؤدية إلى المدينة وحرمان السكان من الغذاء والماء والأدوية والأوكسجين الطبي لعدة اشهر متواصلة ولاحقاً بجهود مقاومي المدينة والجيش المدعوم من التحالف العربي تم فتح منفذ يتيم يربط المدينة بالعالم فيما استمر الحوثيون في اغلاق الطرق المؤدية من والى المدينة وجعلت التنقل والسفر حول المدينة جحيما لا يطاق حيث يضطر المدنيون لسلوك طرق جبلية وعرة تكثر فيها الحوادث التي تكون نتيجتها خسائر في الارواح والممتلكات.

اغلاق الطرق العامة التي يتنقل عبرها السكان بين المحافظات والمدن سلوك مارسه الحوثي ليس في تعز وحدها بل شملت كثير من المحافظات وعلى رأسها مارب والحديدة والضالع ولحج و البيضاء، وهذا السلوك المشين جعل حياة صعبة وزاد من كلفة الحرب التي يدفعها المدنيون سواء على المستوى الفردي أو على مستوى تنقل البضائع والمستلزمات الطبية عبر الطرق الفرعية البديلة والذي بدوره ضاعف من اسعارها وإختفائها في اوقات كثيرة من الاسواق.

في الجانب الاقتصادي أدت الاساليب التي انتهجها الحوثي إلى زيادة متاعب المدنيين وعلى رأس ذلك ايقاف صرف الرواتب للقطاعات المدنية في المناطق التي تقع تحت سيطرة المليشيات الحوثية ، وفرض الجبايات وأهمها قانون الخمس الذي ألزم التجار وأصحاب المهن بدفع 20٪من أموالهم لحساب الجماعة الحوثية، وهذا بدوره انعكس سلباً على اسعار متطلبات الحياة الأساسية، وأثر على الحياة اليومية للمدنيين ودفع بالنسبة الأكبر منهم إلى التحول إلى فقراء.

الالغام التي زرعها الحوثيون وما تخلفه من أثار كارثية لازالت تشكل خطراً على الحياة المدنية، وبسببها توفى العديد من المواطنين من كلا الجنسين ومن مختلف الأعمار أثناء مرورهم من الطرقات التي لغمتها الجماعة، أو ممارستهم لاعمال الرعي أو الزراعة أو جلب المياه، كما أصيب عدداً أخر بعاهات مستديمة، وأُهلكت الكثير من وسائل النقل، وتحولت الكثير من الأسر إلى حالة النزوح بعد تلغيم قراهم ومساكنهم وطرقهم من قبل هذه المليشيات التي تفرغ كامل حقدها على المدنيين دون اعتبار للقوانين الدولية والمحلية التي تحمي المدنيين وتحرم استهدافهم بأي طريقة، وتمنع استخدام الالغام لما تشكله من خطر على الحاضر والمستقبل.

ويشكل الاختطاف والاخفاء القسري أحد اشكال الأذى الذي يطال المدنيين من قبل مليشيات الحوثي، وتمتلئ مواقع الاختطاف بالصحفيين والمعلمين والعمال وأصحاب الرأي والحقوقين والنساء من مختلف الاعمار والمناطق، وتم استخدامهم كدروع بشرية في حالات كثيرة، كما قضى العديد منه تحت التعذيب وأصيب آخرون بعاهات مستديمة أو في حالة جنون جراء التعذيب وظروف الاحتجاز غير الإنسانية.

كل هذه الممارسات زادت من الأعباء التي يتكبدها المدنيون من قبل هذه الجماعة التي لا تؤمن باي قانون أو أخلاق أو أعراف ، وكل يوم يزيد في عمر هذا الانقلاب يتكبد المدنيون عذابات يومية أكبر بكثير من طاقاتهم ومستوى تحملهم ، ولابد أن يتحرك الضمير الجمعي العالمي وتتحمل المؤسسات الدولية والانسانية مسؤولياتها في حماية المدنيين وايقاف الانتهاكات بحقهم وإلزام الحوثي بايقاف كل الانتهاكات والممارسات التي لم تتوقف منذ ثمان سنوات.

دمتم سالمين ..

مقالات الكاتب