الخرافة أشعلت الحرب والتافهون استفادوا منها
ظهرت جماعة الحوثي في البداية كــ(تفاهة) لا تستحق الاهتمام، ولم يكن يخطر في بال أحد أنها ستصير يوماً ذات شأن، كانت (التفاهة) تتحرك من أقصى شمال البلاد، متوجهة صوب العاصمة فيما كانت القوى الوطنية اليمنية منشغلة بتناقضاتها وخلافاتها التافهة عن مواجهة (التفاهة) الآخذة في التوسع والانتشار، معتمدة على الدعم والتمويل والتسليح الإيراني.
فيما بعد صارت (التفاهة) تسيطر على العاصمة صنعاء، سقطت الدولة ومؤسساتها وجيش وأمنها ومواردها في قبضة حفنة من التافهين القادمين من كهوف التخلف والتعصب الأحمق، وبات اليمنيون في مواجهة مكشوفة مع تلك الجماعة المدججة بالحقد والجهل والخرافة، كان على الشعب اليمني أن يقاوم ويقاوم مهما كانت قوة الخرافة، ومهما كان حجم (التفاهة)، انحسرت فرص المقاومة كلما سيطرت الجماعة على أرض جديدة، غير أن ذلك لم يمنح جماعة الخرافة أي شرعية، إذ أن ممارساتهم اليومية كانت تثبت يوماً بعد آخر أن خرافتهم تحمل بذور فنائها، وأن حقيقة اليمن ستنتصر على وهم الخرافة وتفاهة حامليها.
ولا يزال بالإمكان إسقاط (التفاهة) المغلفة بخرافة السلالة، سيما وأن اليمنيين قدموا- ولا زالوا يقدمون التضحيات الجسيمة من دماء الشهداء والجرحى ومعاناة مشردين واللاجئين والنازحين، بيد أن تنامي تفاهات مماثلة في الجهة المقابلة وفي الضفة الأخرى زاد من صعوبة الحسم، إذ أن (التفاهة) لا تستطيع أن تسقط (تفاهة) مثلها، ولقد كانت التضحية جديرة بتحقيق النصر، لولم تظهر الجبهة المقابلة للحوثي محملة بكثير من التفاهات ومزيد من التافهين، تافهين يشبهون الموجودين لدى الحوثي مع بعض الفوارق، وهو ما بدا واضحاً في الصورة الراهنة.
(التفاهة) لم تعد حكرا على الحوثي، والتافهون باتوا موجودين ضمن صفوف غالبية المكونات التي تدعي أنها تحارب الحوثي، تفاهات تنتشر وتتمدد وتتصدر المشهد، يمكن رؤية التافهين بكل وضوح وهم يتقافزون فوق مربعات الساحة بكل خفة ووقاحة، يتحدثون عن المواجهة مع الحوثي وهم أدوات تطيل بقاءه، ويكتبون عن المعاناة وهم أبرز أسبابها، فسادهم يمنح الحوثي أفضلية، وابتذالهم يجعل الحوثي حالة أرقى، وبذلك حصل الحوثيون على فرص جديدة للبقاء والمناورة، وكلما تعرض أحد بالنقد للحوثيين، أشاروا إلى التافهين الذين يتربعون المشهد في الصفوف المقابلة، وهؤلاء هم أكثر من يخدم الحوثيين، وهم الذين بسببهم تطول معاناة اليمنيين وتستمر، لأن هؤلاء ليس في مصلحتهم حسم المعركة مع الحوثي، وهم الذين حصدوا خسائر الحرب مناصب ومغانم ومكاسب رفعتهم من الحضيض، مع أنهم لا زالوا في الحضيض الأسفل.
وحدهم الأبطال في الجبهات هم الأنقى والأطهر في سجلات الحرب، وهم الذين يقدمون التضحية بأرواحهم ودمائهم، وهم الذين يرسمون خارطة الطريق المؤدي إلى الانتصار العظيم.