ارتهان في الأجندة والقرار
على غرار مشاريع النظام الإيراني التي تعيث الإرهاب والتدمير والفساد في المنطقة العربية كما هو الحال في العراق وسوريا ولبنان، يمضي مشروعها الآثم في اليمن إن لم يكن أكثرها صناعة للموت والإرهاب والدمار، وأشدها ارتباطا وتبعية في القرار والأجندة، ومن يساوره أدنى اعتقاد بإمكانية جنوح مثل هذه المشاريع العدوانية لعملية سياسية أو اتفاق سلام مستدام، فهو أبعد ما يكون من الحقيقة، وأقرب ما يكون إلى الوهم الذي لا بد وأن تبدده وقائع الأحداث، فمنذ متى آمنت مشاريع الإرهاب بفعل سياسي أو عمل ديمقراطي تعددي مشترك.
تخلقت مليشيا الحوثي من رحم الإرهاب الإيراني فكرا وممارسة، لتمتهن الإرهاب والدمار وصناعة الموت وخلق الأزمات ومضاعفة المعاناة كمنهجية تقوم عليها بنيانها، وعنوان أصيل لمحتواها، فأول ما أقدمت عليه المضي ببناء جيل مفخخ بالإرهاب والطائفية والكراهية يتبنى العنف لا سواه، لم تكتف بكل هذا رغم كارثيته لتسارع في مد جسور التعاون والعمل المشترك مع تنظيمات القاعدة وداعش المصنفة محليا وعالميا على قائمة الإرهاب، لا بل واتخذت من الأرض اليمنية منطلقا لأعمالها العدائية مستهدفة مصالح الأشقاء والحلفاء وأمن الملاحة البحرية، أفلا يشي كل ذلك بطبيعة تكوينها وجوهر تركيبها، وإلا فما تفسير إضاعتها لكافة فرص السلام في كل جولة من جولات الحل السياسي التي يطلقها المجتمع الدولي بقيادة الأمم المتحدة، وما دلالة استثمارها للهدن الإنسانية في إعادة ترتيب صفوفها بما يمكنها من خوض المعارك مجددا.
ففي ظل هدنة إنسانية أممية سارية نشهد اليوم مجريات تفاصيلها، مثلت نقطة استبشار للمجتمع الدولي باعتبارها فرصة مواتية لبناء عملية سلام شاملة، وقابلتها الحكومة الشرعية بالترحاب وكثير من التنازلات رغبة أكيدة منها في تحقيق السلام وإنهاء المعاناة، استجاب الإرهاب الحوثي لها بغية استثمارها في إطالة أمد الحرب وخوض جولة جديدة من العنف، وها هي الأحداث تتكشف عن اقترافها لمزيد من الخروقات والاستفزازات اليومية وبشكل متصاعد وتنصل من الاستحقاقات والالتزامات التي أوجبتها الهدنة، وانخراط واسع عمليات التحشيد واستحداث المواقع والهجمات العدائية بأنواع الأسلحة، في مؤشر واضح على أننا أمام مليشيا إرهابية لا تملك قرارها ولا أجندتها، وليس في وسعها سوى استقبال الإملاءات الإيرانية والعمل بموجبها.