السلام مع المليشيا.. صيحة في واد
السلام في اليمن معادلة صعب تحقيقها، في زمن المصالح وتناقض الهويات السياسية والعقائدية، والتي وجدت في اليمن مسرحاً لتحقيق أجنداتها التي كانت تحلم بتحقيقها منذ زمن بعيد.
ما كان للذي يجري على الساحة اليمنية أن يحدث لو أن القوى السياسية اليمنية بمختلف مشاربها حافظت على استقلاليتها وسيادة قرارها، وغلبت المصلحة العليا للوطن على المصالح الحزبية الضيقة، وتناست أحقادها الدفينة المستأجرة من ماضي صراعها السياسي، والذي أفضى في كثير من دوراته إلى حروب عمقت الجراح، وطغت على الحس الوطني المغلب للمصلحة العليا للوطن، منتجة ما هو كائن من تشظ أفسح المجال لكل الأطماع التي كانت ترقب من بعيد مقدمات الراهن، الذي نتجرع ويلاته جميعا نخبا ومواطنين على حد سواء.
في هذا الجو المشحون بتصادم الهويات السياسية، وتناقض الرؤى، تبرز ما بين فترة وأخرى دعوات محلية وإقليمية ودولية لتحقيق السلام في اليمن، سلام لم تعمل هذه الدعوات حساب أطرافه الفاعلة على الساحة الوطنية، خصوصا تلك التي لا تشكل سوى أداة لتحقيق مصالح خارجية على حساب أمن واستقرار المنطقة من خلال فرض الهيمنة بقوة السلاح.
مليشيا الحوثي المدعومة من إيران كطرف معني بالتخلي عن تبعيته لإيران والخضوع لاشتراطات تحقيق السلام وفقا لمرجعيات الإجماع الوطني الثلاث المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن الدولي وفي مقدمته القرار 2216 ومخرجات الحوار الوطني، تقابل دعوات السلام جميعها بمزيد من قصف الأعيان المدنية في اليمن، ودول الجوار، كتعبير عن عنجهيتها ورفضها لكل دعوات السلام الذي لا تؤمن به أساسا انطلاقا من ثقافتها الإجرامية التي لا تؤمن إلا بقيم القتل والدمار والإرهاب كسبل تمارسها وكفلتها إيران لتحقيق مصالحها وأهدافها في السيطرة على مقدرات البلاد ونهب حقوق العباد.
الدعوة الخليجية الأخيرة للسلام قابلتها مليشيا الحوثي الإرهابية بإطلاق عدد من الصواريخ والمسيرات نحو أهداف مدنية واقتصادية في المملكة العربية السعودية، وهو استهداف يفصح بجلي العبارة أن لا سلام ولا استقرار ما لم تتخذ دول الإقليم وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة موقفا صارما لا يقبل التراجع ولا يخضع للمؤثرات الدولية، إزاء هذا الصلف الحوثي الإيراني، والعمل بكل السبل والإمكانيات على توحيد الصف الموجه للمليشيا، ودعم جيشه الوطني دعما كفيلا بفرض السلام واقعا على الأرض، وهو كفيل بذلك، وقادر عليه، وإلا فإن دعوات السلام بمجملها ستظل شبيهة بمن يصرخ في واد لا يجد من يستجيب له سوى رجع صدى صوته.