حُبّي لها...

حبي لها رغم الظروف القاسية رغم المحن

حبي لها أمي سقتني اياه في وسط اللبن

إن عشت فيها لأجلها عانيت

وإن غبت عنها كم لها حنيت

والحاصل إن الحب شيء ماله ثمن 

من قال محبوبتك من؟ قلت اليمن

    ما أجملها من كلمات رائعة جادت بها قريحة شاعر حضرموت حسين ابوبكر المحضار رحمه الله قبل ربع قرن من الزمان تقريباً وما أحلى صدى نغماتها وأنت تسمعها في حديقة الفنون بالمِنْيَلْ  في العاصمة المصرية القاهرة وما أروعها من مناسبة قُدّرَ لي حضورها في الفعالية التي نظمها ملتقى الحضارم في القاهرة بمناسبة عيد الأضحى المبارك وبدعوة كريمة لي من الأخ العزيز صبري سالمين بن مخاشن رئيس الملتقى.

وحقيقة كانت سعادتي لا توصف حيث التقيت بجمع كبير من أبناء حضرموت على وجه التحديد وكذلك آخرين من صنعاء وعدن وذمار وإب  وغيرها من بقية المحافظات اليمنية لم يسبق لي التعرف على كثير منهم، ولكن شعرت أن الجميع كلهم كانوا أهلي وإخواني، جمعتهم جميعاً فترة الاغتراب الاضطرارية ومعظمهم أتى مصر للعلاج او مرافقاً لمن أتى لهذا الغرض.

رغم اللحظات الاحتفالية الفرايحية بهكذا مناسبة وازدياد سرورك عندما تشاهد مجاميع من الأطفال بنين وبنات يشاركون بكل جرأة وبراءة في المسابقات التي عرضها عليهم مقدم الحفل الرائع د. أشرف باصليله، ويتسابقون في تقديم انشودة من هنا واغنية من هناك فذاك الطفل الصغير أخذ الميكرفون وصدح بالنشيد الوطني اليمني وردده معه الحاضرون.

رددي ايتها الدنيا نشيدي 

ردديه وأعيدي وأعيدي 

واذكري في فرحتي كل شهيد 

وامنحيه حُللاً من ضوء عيدي 

وحاز على التفوق من بين اقرانه الذين قدموا فقرات أخرى نالت الاعجاب ايضاً لكن وقع النشيد الوطني في الوجدان وترديده في لحظة الاغتراب عن الوطن لا شك أن له وقعه في النفس لا يشعر بأحاسيسه إلاّ كل محب لوطنه وكل شخص يتمنى له الخير ويأمل أن يتخطى جراحه ومآسيه ليعود شامخاً قوياً محتضناً لكل أبنائه الذين فرقتهم السياسات القذرة والساسة الأغبياء،

تلك الساعات التي قضيناها في الاستماع للطرب الجميل والمسابقات والقصائد الشعرية وغيرها إضافة الى الأحاديث الجانبية مع هذا وذاك وقبل كل ذلك كلمة معايدة وتوجيه من الشيخ محمد بن علي جابر.

لكن في الوقت نفسه أخذتني غصة وخنقتني العبرة، كل هذه الجموع قضت أيام العيد خارج ارضها وبعيدا عن أهلها ومعظمهم إن لم يكن كلهم قدموا من اجل العلاج لمرضاهم الذي لم يعد متوفراً في بلادهم بعد أن تكالبت عليها المصائب من كل حدبٍ وصوب فعبث بها العابثون أيما عبث، وبعضهم أتى وقد تحمّل ديوناً كثيرة ستظل تؤرق مضجعه ويتحمل اعباءها ابناؤه خاصة إذا قُدّرَ له انقضاء عمره في رحلته العلاجية.

وفي الوقت نفسه وعلى النقيض شاهدنا تسريبات عبر وسائل التواصل لحفلات اعياد ميلاد لبعض كبار المسؤولين أطربهم فيها المطربون وكأن الوطن والمواطن يعيش الافراح والليالي الملاح.

وسمعنا ايضاً عن حفلات أعراس لأبناء البعض الآخر أقيمت وستقام في فنادق الخمسة نجوم على النيل وغير النيل.

وأما حالات هؤلاء المرضية سواء لهم أو لعوائلهم حتى وإن كان مجرد صداع بسيط فلا علاج لها الا في المستشفيات الاوربية، فهناك العلاج والاستجمام لتجديد النشاط حتى يقوموا برعاية الشعب على أكمل وجه وأحسن صحة.

وأما المشاهدات لحالة بعض اليمنيين ومآسيهم فلن يكفيها مقال فهي قضية كبيرة وكبيرة جداً، وما تحملها ملف، وكل عام وأنتم والوطن بخير.

مقالات الكاتب