المعركة على روح اليمن وعقلها يا مؤتمريون

مازال البعض يدافع باستماتة عن دور قيادة المؤتمر في صنعاء والتي مازالت تصر على استمرار التحالف مع عصابة الحوثي الإرهابية ، وقد دفعني لكتابة هذا المقال أمران ، الأول هو ماسمعته من أحد الأصدقاء الذين كانوا في صنعاء وكانوا على مقربة من قيادات الحوثي بحكم موقع هذا الصديق المؤتمري ، فقد سأله أحد قيادات عصابة الحوثي ، هل أنت مؤتمري عفاشي ، أم مؤتمري المسيرة ، والأمر الثاني هو عداء هذه العصابة لكل ما يمت إلى الجمهورية بصلة حتى لو كان على مستوى اللفظ ، فهي تطلق على المفتي الذي عينته مفتي الديار اليمانية وتطلق على الهوية إيمانية ، وتتجنب ذكر ماهو وطني .

فهل بعد هذا الوضوح الذي تبدو عليه هذه العصابة ما يبرر لقيادات حزب هو في الأساس جمهوري وحامل لمشروع الجمهورية ، وهل الأمر يحتمل أكثر من هذا الانتظار وترك الأمر بيد قيادة غير كفؤة ، أو لنحسن الظن فيها ونقول إنها واقعة تحت ضغط القوة والتهديد بالتصفية ، لكن الأمر ليس كذلك ، فهؤلاء يصرون على مصادرة قرار الخارج الذي يمكن له أن يوفر لهم غطاء سياسيا ويجنبهم اتخاذ قرارات تخدم عصابة الحوثي الإرهابية .

أنا شخصيا لا يوجد لدي سبب مقنع لهذا التردد في مواجهة الخارجين على الدولة ، وهنا تجتمع قيادات المؤتمر في الداخل والخارج ، جميعها اختطفت قرار الحزب وتستغله لتحقيق مصالحها الشخصية على حساب المصلحة الوطنية ، جميع هؤلاء تقاعسوا عن أداء أهم واجباتهم في الدفاع عن الدولة وعن مؤسساتها ، ولا يمكن التبرير لهم أو قبول ما يفعلونه ، فالقيادات التي اختارت طريق الشرعية وهو الطريق الصحيح 

واستقرت في مواقع مهمة كمستشارين للرئيس أو على رأس السلطة التشريعية لم يضيفوا شيئا للشرعية الدستورية ، لكنهم ربما أضافوا شيئا لسلطة الشرعية .

ولن أتحدث عن الكتلة الوسط من قيادات المؤتمر التي تقع مابين صنعاء والرياض ، فهذه إما موالية للقيادات في صنعاء أو موالية للقيادات في الرياض ، وإذا كانت هذه القيادات لا تمتلك القدرة على الاضطلاع بالمسؤلية الكبرى والارتقاء إلى التحديات القائمة ، عليها أن تتنحى جانبا ، فالقيادة ليست نزهة أو فرصة للاستمتاع والتباهي بإنجازات متخيلة ، إنما هي مسؤلية وطنية كبرى تتطلب خبرة وحنكة وإيمان بحق القواعد وليس الركوب عليها .

الأحزاب الناجحة هي التي يقودها الخبراء المتمرسون في السياسة والاقتصاد والإدارة وما أكثرهم في حزب المؤتمر ، فلماذا تترك الأمور بيد هؤلاء الذين يحققون مصالحهم على حساب مصالح الملايين من قواعد المؤتمر المغلوبة على أمرها والتي ترى الجمهورية تصادر بأيدي مؤتمريين والشرعية تصادر بأيدي مؤتمريين وكأن هذا الحزب كتب عليه أن يدفع الثمن مضاعفا ..

المرحلة القادمة خطيرة ، لأنها تحدد إن كان المؤتمر سيستمر كحزب أم يتفكك ويصبح مخزنا للفاسدين من كل الأطراف ، فالحوثيون يجرفون الجمهورية بالمؤتمريين والشرعية تعطل الشرعية بالمؤتمريين ، لذلك يجب ألا يستمر من يساعد في طمس الجمهورية ولا من يساعد في إفساد الشرعية..

لا يمكن للحزب أن ينهض في ظل غياب برنامج مدروس قابل للتنفيذ ، والنجاح كما نعلم لا يتحقق صدفة ، بل يجب أن تكون هناك خطط مدروسة للنهوض بالحزب ، والمرحلة تحتاج إلى قيادة استثنائية شجاعة وصادقة قادرة على انتشال الحزب من مسيرة الحوثي ومن القيادات التي تلتف حول الرئيس وترأس السلطة التشريعية ولكنها تغسل فساد الشرعية والتحالف ، فلا يعقل أن تتعطل الحكومة وتتوقف مرتبات المقاتلين في الجبهات وتتقهقر الجبهات دون مساءلة..

لم يعد متاحا لأي منا آلتغاضي عن المنحرفين بالحزب والمزورين للمواقف وممارسي الخداع ، فهؤلاء تمادوا في الإساءة إلى المبادئ والقيم الوطنية التي تمس الجميع ، كما أساؤا إلى مبادئ الحزب ولابد من مواجهة هذه الممارسات التي ألحقت ضررا مدمرا بالبلد والحزب والقيم الوطنية .

مقالات الكاتب