حتى نمنع الحوثيين وإيران من نصر
قَصَف الحوثيين مأرب من جديد، قتلوا وجرحوا العديد من المواطنين المسالمين، تمادوا في أفعالهم حد الجنون، مارسوا هوايتهم في الحقد، تلك هي طباعهم وطباع أجدادهم من قبل، وتلك هي إيران التي مدَّتهم بأسباب التفوق على الشرعية، وتمدهم بأسباب العنف الذي يتجرد من كل خُلِق. إيران المتطلعة لما هو أبعد من اليمن، ولكن الأقرب إليها.
استوعبت مأرب وأهلها وبكل شموخ وكبرياء وصبر العدوان الحوثي الصاروخي الأخير، وأوقفت زحفهم، ولقنتهم دروسًا جديدة في الشجاعة والفداء والثبات، لم ينل الحوثين من مأرب ومن صمودها وعزيمتها وشجاعة المدافعين عنها قيد أنملة، ولن ينالوا شيئًا، مأرب هي عنوان الحق، وقلعة الجمهورية الصامدة، وهي ضمير كل الوحدويين، ولحظة التغيير في الزمان والمكان إن التقطت.
علينا أن نعترف أن أساليبنا في المواجهة مع الحوثيين لازالت دون مستوى الاستجابة المطلوبه للحدث، وتكرار الدعوة لفتح الجبهات الأخرى للتخفيف على مأرب دعوة مكرورة، إن لم تكن ممجوجة عند البعض. إن ما نحتاجه هو إعادة النظر في استراتيجياتنا العسكرية للمواجهة، وهذا أمرٌ مقدورٌ عليه، كان متاحًا قبل معارك مأرب، ولازال متاحًا حتى اليوم، ويكفينا دليلًا أن أبطالنا يقاتلون بصمود أسطوري في مأرب منذ سنوات وبدون مرتبات، وقيادتنا هناك راسخة رسوخ الجبال في وطيس المعركة.
والواقع أننا نعتمد كثيرًا على الأشقاء في المملكة، نناشدهم طلبًا لمساعدة الطيران والدعم اللوجستي، وهم أي الأشقاء يقومون بذلك بكل سخاء، شعورًا منهم بالواجب الأخوي، بل وللحقيقة يمنع طيران الأشقاء سقوط مأرب ويساهم الدعم اللوجستي مساهمة حاسمة في الصمود، لكن كل ذلك ليس هو الطريق الأكيد للنصر، فقد كان هو ذاته منذ ست سنوات مضت، والحصيلة واضحة.
بحساب المتاح من الإمكانيات، معطوفًا على حجم الدعم الشعبي والإقليمي والدولي في هذه المواجهة، لازال النصر متاحًا للشرعية، للطرف الجمهوري الوحدوي في هذه المواجهة التاريخية، لكن وهذه حقيقة مرة ينبغي قولها، ما يجري لا يوحي باننا نستثمر هذا الدعم لصالح المعركة، وهذا دليل آخر على اضطراب في رؤانا لحاضر ومستقبل اليمن.
أن خشيتنا تزداد من أن إيران تقترب من نصر كبير على الأمة، لكن هذه المرة في اليمن، لقد فعل التحالف العربي بقيادة المملكة الكثير لنصرة اليمن واليمنيين، إلا إن هزيمة يمنية وعربية كهذه في اليمن لابد أن تمتد آثارها إلى ماهو أبعد من جغرافيته، إلى الأمن القومي العربي، وما قد يعنيه ذلك من تأثير محتمل على النظم السياسية، والدولة الوطنية العربية في المشرق العربي على الأقل.