استفاقة متأخرة
استفاق العالم بأسره على وقع جريمة بشعة ارتكبتها مليشيا الحوثي الإرهابية بحق المدنيين في محافظة مأرب من خلال قصف محطة نفط بصاروخ باليستي أوقع عشرات الضحايا من المدنيين بينهم عدد من الأطفال..
هذه الاستفاقة أنتجت شجباً وتنديداً وإدانة وصفت الجريمة بأشد العبارات، وهو ما يوحي بأن الجريمة كانت مروعة للضمير العالمي برمته..
الموقف الدولي إزاء هذه الجريمة لم يكن متوقعاً من قبل كافة أبناء الشعب اليمني الذي مارس الحوثي ضدهم جرائم بشعة مماثلة خلال سنوات الحرب التي أشعلها ضد اليمنيين بغية تطويعهم لمشروعه السلالي الطبقي المدعوم من إيران والتي كان خلالها الضمير العالمي يغط في سبات عميق أو بالأحرى متغاضياً عما يجري؛ لأهداف تتصادم بالضرورة مع أهداف اليمنيين المتمثلة باستعادة الشرعية ومؤسساتها الدستورية وترسيخ أسس الأمن والاستقرار في عموم الوطن من خلال تنفيذ المرجعيات الثلاث المتمثلة بالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرارات الدولية وفي مقدمتها القرار الأممي 2216.
صحيح أن الموقف الدولي من المجزرة الوحشية التي ارتكبتها إيران عبر ذراعها مليشيا الحوثي الإرهابية يبحث عن الأمل، وأن الضمير العالمي بدا غير قادر على التغاضي عن جرائم أكثر مما ارتكبته هذه المليشيا الإرهابية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل سيتوقف الحراك الدولي إزاء هذه الجريمة عند حدود الإدانة والشجب أم أنه سيتعدى ذلك إلى اتخاذ موقف جامع يفرض من خلاله جملة من المتغيرات السياسية والعسكرية بل والاقتصادية توقف صلف إيران في المنطقة وتردع طموحاتها الخاضة لأمن واستقرار شعوبها التواقة للأمن والاستقرار والعيش الكريم؟!
الجريمة المروعة التي ارتكبتها مليشيا إيران بحق المدنيين تشكل في الآن نفسه جريمة ضد الإنسانية ومثلها وقيمها النبيلة، وتشكل في الآن نفسه أيضاً محك اختبار لمصداقية القيم الإنسانية للمجتمع الدولي التي يتغنى بها صباح مساء من خلال مساراته الثقافية ومنظماته المنتشرة في أصقاع المعمورة، والتي يعمل من خلالها -كما يدعي- على غرس قيم المحبة والسلام والتعايش بين الأمم والشعوب وتوطيد عرى الأمن والاستقرار والعيش الكريم لكل المجتمعات ووأد ثقافة الكراهية والتمييز العنصري الذي تمارسه مليشيا الحوثي الإرهابية وتعمل على تأصيل ثقافته في نفوس النشء من خلال بناء مناهج دراسية تقوم على أسس طبقية صرفة تعلي من شأن سلالة الهاشميين وتنتقص من الفئات الأخرى على مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي يقول: إنه يرفض الطبقية والتمييز العنصري ويعمل بشتى السبل على محاربتهما.
على المجتمع الدولي وفي مقدمته دول التأثير في السياسة الدولية أن يواصل استفاقته، وأن يتحول من طور الإدانة إلى طور الفعل على الواقع فيما يخص مجريات الأحداث على الساحة اليمنية، فاليمنيون يستحقون فعلاً العيش في ظل دولة ديمقراطية اختطوا أسسها وأهدافها في مخرجات الحوار الوطني التي أجمعوا عليها بمختلف توجهاتهم ومشاربهم السياسية والثقافية.