وداعا سيف عبدالرب الشدادي.. وداعا أيها البطل
كلنا سنموت.. العظماء وحدهم من يدركون هذه الحقيقة فلا يتهيبونها.
يوم استشهاد عبدالرب الشدادي بكته اليمن كلها، حتى يخال ان قرابته من كل الباكين لا تقل عن كونه شقيق او ابن او أب لكل فرد فيهم.
أحبوه كفارس يماني نزيه وصلب، حمل علم البلاد يوم هوت ساريتها.
خلال أيام العزاء استشهد شقيقه الاكبر ومربيه الأول سالم بن قاسم الشدادي، فكان الحزن مضاعفا والألم مكررا.
ومنذ ذلك اليوم، كنت كلما رأيت صورة سيف بن عبدالرب حاملا سلاحا أو مرتديا لباس الحرب يساورني قلق أن يلحق بوالده وعمه شهيدا، وكأن لسان مخاوفي يقول: ليتك يا سيف اخترت دربا غير درب الحرب والجيش لكي لا تفجع أهلك ومحبي والدك العظيم.
لكنه كان أشجع من كل الشجعان، سار على درب والده ونموذجه ومثله الأعلى، مؤمنا أن البطولة في وفاء الابناء للآباء.
مات سيف البارحة متأثرا بفيروس كورونا، لكنه لم يهرب من الموت يوما أو يتهيب المنية، مات وعينه على الثغور فارسا يمانيا لم تنال منه لحظة خور او خوف في مواجهة الامامة الغاشمة الفاجرة التي أحالت حياة اليمانيين جحيما ونالت من كل خصوصياتهم وعبثت بكل قيمهم وممتلكاتهم واحلامهم.
وليس أعظم لفتى يماني من فخر كأن يقضي حياته ينازل الإمامة ويصنع المجد الجمهوري ويمنح الأجيال دروسا في الرجولة والإباء.
نعم كلنا سنموت، ميتة واحدة تنتظر كل انسان ولا مفر منها، إنما تختلف همم الرجال واحلامهم ومواقفهم التي تسبق خروج آخر الانفاس.
نسألك اللهم الثبات، وأن نحيا على الحق وعليه نموت، وعليه نلقاك.
رحمك الله يا سيف بن عبدالرب، ورحم أباك وعمك وفرسان قبيلتك الوفية الصامدة وكل رفاقك الشهداء وحقّق النصر والفرج العاجل لشعبك المفجوع في خيرة وأنبل فرسانه.
عهدا لكل روح طاهرة كروحك أن لا نجبن أو نختار غير الوفاء. والله مع المتقين.