افهموا اليمن كما هو لا كما تتخيلون!
القبيلة مكون من مكونات المجتمع العربي عموما واليمني خصوصا، والحديث على أن القبيلة أحد عوائق قيام الدولة كلام لا يستقيم مع أبسط حقائق الواقع والتاريخ والسياسة أيضاً، القبيلة جزء رئيسي من مكونات النسيج الاجتماعي، وهي أهم لبنات هذا النسيج الذي تتشكل منه الدولة وكل المجمعات اليمنية هي بالضرورة مكونة من قبائل بالأساس.
الحديث اليوم على أن القبيلة كانت عائق أمام الدولة هذا الكلام غير صحيح مطلقا لأنه مبني على أوهام، لا على حقائق علمية وموضوعية.
الحديث عن كوّن القبائل عامل إعاقة لقيام الدولة، منطق سطحي ولا يخدم سوى المشروع الإمامي الذي يريد ضرب المجتمع بضعه ببعض وإظهار أن المشروع الإمامي هو المنقذ للدولة في اليمن، وما على اليمنيين سوى مباركة الحوثي ومشروعه لإسقاطه للدولة وإنقاذها من القبائل.
صحيح، لعب عديد من شيوخ القبائل دوراً سلبيا في تجهيل قبائلهم وعدم الدفع بهم نحو التعليم ومن ثم التمدن، وذلك ليظل الشيخ على رأس القبيلة، ويبقى القبيلي مجرد غرام ومحارب يستدعى للحرب متى ما أراد الشيخ، لكن هذا التوجه كان توجه ليس عاماً فهناك قبائل يمنية تعلمت ودفعت بأبنائها إلى معترك الحياة والتعليم والتمدن، وها هي اليوم تشكل أخر أسوار حماية الجمهورية والدولة، مشكلتنا مع من يقدم نفسه “ابن الله وحامي حماه” مشكلتنا مع من يدعي حقا إلاهياً لحكم الناس، مشكلة اليمن الرئيسية مع فكرة الإمامة التي دامت مسيرة خمسين سنة من التحول نحو الدولة، ولا مشكلة لليمن مع قبائلها التي تمثل صلب هذا المجتمع ومادته الخام.
من حول القبائل إلى مادة خامة للاستخدام هو النظام السياسي الحاكم الذي حرم هذه القبائل التعليم والتطبيب والتمدن وجعلها على جهلها حتى عادت الإمامة واستخدمتها مرة أخرى اليوم مادة ووقودا لتحقيق مشروعها الإمامي.
من الغباء الكبير اليوم، تحويل المعركة بين اليمنين بعضهم بعضاً، بالحديث عن قبائل ومدنيين، اليمن كلها قبائل، لها من العادات والتقاليد والأعراف ما هي كفيلة بقيام دولة مدنية أعظم من كل مدينات الدنيا، فقط افهموا كيف تتعاملون مع هذا المجتمع وتكويناته ونفسيته وعاداته وقيمه، من الغباء اليوم الانجرار والعمل ضمن مشروع الاقتتال اليمني اليمني بفعل “كُتن” الإمامة، التي تعيد تقسيم المجمع اليمني من جديد بين؛ سادة وقبائل ومزاينة وأخدام وفلاحين ورعية.
لا تنجروا لكُتن الإمامة التي تثير كل هذا اللغط، وهي تعيد تشكيل المجمع على ما تريد سادة وعبيد، وهندسته كمجتمع معاق فكريا كمجتمع طائفي متخلف غارق بالخرافات، كما ترون اليوم التجربة أمامكم ماثلة بالعراق الذي كان في مقدمة المجتمعات العربية المتقدمة والمتطورة فانظروا أين وصل اليوم.