اعطوني سببا واحدا لنحب الحوثي أو الإمارات

يتعرض من يدعو إلى توحيد الصف الجمهوري لسيل من الانتقادات الشديدة ويتهم بأنه إخواني يعمل لصالح دولة قطر ، حسنا لنناقش الأمر بواقعية سياسية وندين كل من يفرط بمصلحة اليمن لصالح أي دولة أخرى ويساعد في انتهاك سيادتها ، قد تكون قطر في صراعها مع الإمارات والمملكة العربية السعودية تدعم أفرادا أو جماعات يمنية لإحداث فوضى ، وقد تكون ارتكبت حماقة استراتيجية غير محسوبة في دعمها للحوثي ، لكن الإمارات والمملكة تمارسان تدميرا واضحا وممنهجا وتحتلان الأرض وتعيقان بناء الدولة اليمنية بشكل علني وواضح .

الإمارات ومعها السعودية تقومان بالتنويم المغناطيسي ، ومن يدعو إلى توحيد الصف الجمهوري يتعرض لعاصفة عاتية من التوبيخ وكأنه ارتكب جريمة تهدد الأمن القومي ويتهم بالخيانة لأنه يعادي الحوثي ، وتجد اللوبي الإماراتي يرهب كل من يتعرض للحوثي ولو من بعيد ويرعب كل من ينتقد استمرار تحالف قيادات المؤتمر في الداخل والخارج معه ، والغريب أن من يتجرأ أو يفعل ذلك يتهمونه بأنه عميل مع قطر ، فالأدب مع الإمارات لدى بعض قيادات المؤتمر فضلوه على العلم بجرائم الإمارات أو ابتزازها لليمنيين .

إن العقل والحكمة يشيران إلى ضرورة الانتباه إلى أولئك المرجفين داخل الصف الجمهوري وتعطيله عن مواجهة الإمامة والاستعمار بحجج قد يصح بعضها وقد يخطئ بعضها الآخر ولكنها لا قيمة لها بعد أن يكون الولاء للإمامة والاستعمار قد سيطر على وعي الكثيرين وانساب إلى وجدانهم وكأنه هو الصواب وما عداه هو الخطأ ، خصوصا الجيل الجديد الذي ينمو على خديعة أن الحوثي يقاوم العدوان وأن الإمارات جاءت لدعم الشرعية واستعادة الدولة .

التهمة للإصلاح أنه شارك في أحداث ٢٠١١ ، وأنه كان سببا فيما نحن فيه ، وأن قطر تدعم الحوثيين وتدعم جماعات أخرى لإحداث فوضى في اليمن ، وأنا هنا لست بصدد الدفاع عما فعله الإصلاح في ٢٠١١ ، وقد انتقدت ذلك في حينه ولست بصدد الدفاع عن قطر ، لكنه من الأهمية بمكان أن نشير إلى أن الحوثي كان شريك الإصلاح في ٢٠١١، وهو اليوم يحتل مؤسسات الدولة وينكل بالإصلاحيين والمؤتمريين ، بل وباليمنيين جميعا ، فكيف يظل الإصلاح عدوا ونجرم من يدعو إلى التحالف معه في حين يكون الحوثي صديقا ونخون كل من يدعو إلى فك الشراكة معه ؟

رغم كل ممارسات الحوثي العدوانية والإرهابية الفاشية إلا أن هناك من يدعو إلى استمرار التحالف معه والتنكر لمن يحاربه ، نحن أمام مخربون لضمير الشعب اليمني وعقله ، يخترعون له أعداء غير أعدائه وينبشون في قضايا تجاوزها الزمن لكي يشغلوه عن وجهته الحقيقية في مواجهة المشروع الإمامي والاستعماري بعناوينه البارزة ، الحوثي والإمارات ، لقد هجر الإصلاحيون والمؤتمريون واغتصب الحوثي الدولة ، فهل يعقل أن يظل هؤلاء يحاربون بعضهم البعض ، فيما الإمامة والاستعمار يتربصان بالجميع ؟

إن تدهور العلاقة بين الإصلاح والمؤتمر كان لها تداعيات خطيرة أهمها تشويه وعي المواطن اليمني تجاه العدو الحقيقي ، بل وتشويه الذاكرة اليمنية وخصوصا الجيل الجديد الذي ينمو على خديعة أن الحوثي يقاوم العدوان ، كما قلنا سابقا وينظر إلى الصف الجمهوري على أنه عميل ومرتزق ويمارس الصف الجمهوري ضد بعضه البعض سياسة التلفيق والكذب والتشويه من خلال المندسين والحاقدين .

ونحن حينما نطالب بتصويب العلاقة بين الإصلاح والمؤتمر لا نقصد بذلك استقطاب شخص هنا أو هناك من السياسيين أو الصحفيين ليكتب منوها بمحاسن هذا القيادي أو ذاك ، بل التواصل مع القوى المجتمعية الفاعلة والمؤثرة وخاصة أولئك الذين لا يبحثون عن مكسب مالي أو شهرة بل يعبرون عن عمق الانتماء والولاء للدولة والجمهورية ، وهؤلاء نجدهم في القطاع العريض من الكتاب والصحفيين والمعلمين وأساتذة الجامعات والمحامين والمنظمات والنقابات ، فهؤلاء هم سند الجمهورية وسند الشرعية الدستورية وهم المعنيين بتصويب المسار بين الحزبين .

الجمهوريون أكثر بكثير من الحوثيين ومن أنصار الإمارات ومع ذلك لم نسمع عن تشكيل تكتل موحد وقوي يمثلهم مع بقية القوى الأخرى ويكون له تأثير ويضغط لصالح القضايا الوطنية التي تخصهم رغم وضوح الحق الوطني الذي لا يحتاج إلى ابتزاز أوإرهاب للمنادين بالمصالحة ، فمتى يتفق الجمهوريون ويتخذون موقفا موحدا يساند قضاياهم ؟

مقالات الكاتب