مأرب ستُسقِط أحلامَكم
كنت في يوم من الأيام وآخرين وفي منتصف تسعينيات القرن الماضي في ضيافة أحد رجال الدولة ومن المقربين لعلي صالح في ذلك الوقت وكانت ضيافة حاتميه تخللتها الأحاديث والحوارات من كل حدبٍ وصوب وفي كافة المجالات ومنها حديث عن استتباب الأمن والاستقرار في كافة أرجاء البلاد وخاصة بعد فشل مشروع التمرّد والانفصال،
واستشهد أحد الحاضرين بحديث سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام والذي قال في آخره (واللهِ ليُتمنّ اللهُ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخاف إلاّ الله والذئب على غنمه ولكنكم قوم تستعجلون) فتدخل المضيف ضاحكاً قال (ويخاف من أهل مأرب على سيارته) فضحك الجميع وكانت هذه إشارة الى ما يحصل من بعض أهل مارب من تقطعات لسيارات بعض المواطنين المارّين عبر طريق (مارب حضرموت) وهذه مشكلة وفي ظني انها كانت حوادث مصطنعة من قبل أيادٍ خفية عانى منها كثير من المواطنين ومن أهل حضرموت تحديداَ حيث تعرض بعضاً منهم لحالات تقطع خسروا فيها سيارتهم وبعضهم خسر حياته في حالة مقاومته لمثل هكذا عصابات أساءت بحماقاتها لقيم وأخلاق القبيلة المأربية العريقة.
ونعرف جميعاً أن مأرب هي أول محافظة يتم فيها استخراج النفط منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي ولحق بالنفط الغاز المسال فيما بعد ولو ألقينا نظرة سريعة على حال تلك المحافظة المنتجة للنفط والتي أخذت الأولوية ماذا نجد امامنا؟
حياة بدائية جداً في كثيرٍ من مناطقها ثارات قبلية تصل بين بعض القبائل الى حربٍ طويلة ويُدعم الطرفين المتحاربين بالسلاح من مخازن الدولة وبتوجيهات عُليا، وطبعاً لم تكن تجد شارع مسفلت واحد غير الطريق الرئيسي ولا مستشفى عليه القيمة ناهيك عن مدارس محدودة لا تكاد تفي بأهداف الرسالة التعليمية ولن تجد أدنى الخدمات البديهية التي يحتاجها المواطن رغم ملايين النفط والغاز المنتج منها والذي يرفد ميزانية الدولة المركزية وأرصدة كبار القوم.
وحتى لا يتحمّل النظام الحاكم مسؤوليته تجاهها متعذرا بحروب الثارات فيما بينهم والتقطعات تجاه المواطنين الآخرين والشركات والتي لم يسلم منها حتى السياح الأجانب والهدف حتى تبقى المحافظة متخلفة حسبما خُطِّطَ له في دهاليز امتازت بالمكر والدهاء.
في العام 2011م ثارت مأرب كغيرها من المحافظات الأخرى وكان لرجالها وشبابها الاشاوس دوراً كبيراً في نصرة ثورة التغيير أملاً في مستقبل مشرق يعمُّ نوره على أرجاء الوطن كله ولهذا كان الاستهداف لمأرب قوياً وشديداً من قبل الثورة المضادة ومن تصدّر مشهدها تحديداً حلفاء انقلاب 2014م وتوجهوا تلقاء مأرب لإسقاطها منذ الأيام الأولى لسيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء وهم يدركون بأن سيطرتهم على مأرب سيكون بمثابة البوابة الرئيسية للسيطرة على شبوة وحضرموت والمهرة، ولكن كان لرجال مارب كلاماً آخر فتحطمت أحلام أدوات المشروع الفارسي على أيدي ابطال مأرب الصناديد فكانوا لهم بالمرصاد ليس هذا فحسب بل أصبحت مارب مأوى وملاذاً لكثير من أبناء اليمن الذين وفدوا اليها من المحافظات الأخرى فارين من بطش المليشيات الحوثية.
وشهدت مارب نشاطاً وعملاً دؤوبا مذهلاً في مجالات التنمية والاعمار لم يسبق له مثيل يقوده محافظها الشهم الصنديد سلطان العراده فرأينا في مارب الصمود يداً تبني ويداً تحمل السلاح.
وهاهم يقدمون كل يوم دروساً في التضحية والفداء رغم الهجوم الكاسح الذي تشنه مليشيات الحوثي ورغم الإرجاف الكبير الذي يمارسه اعلامٌ مضلل تدرّب على الأكاذيب في الضاحية وغيرها ورغم الأماني والأحلام التي تعشعش في رؤوس سياسيين كبار ومنهم محسوبون على الشرعية ويتمنون سقوط مأرب بين لحظة وأخرى إلا أن مأرب ورجالها كما عنونّا المقال ستسقط احلامهم بأذن الله وسيخيب مسعاهم وستصنع مأربُ فجراً يمانياً جديداً بإذن الله.