المدرسة هي الحياة

رنّ جرس المدرسة ثم رنّ "RUN" التلاميذ "يجرون" إلى الطابور ويطيرون كالفراشات في صباح تُطرِّز حبّات الندى فيه وَرَق الورد الذي يصطف بزهوٍ أمام الفصول بألوانه الجميلة التي تجتذب الأرواح! 

نشهد أن أحلى خروج هو لحظات مغادرة التلاميذ منازلهم في الصباح الباكر قِبَلَ مدارسهم.. بهجة الاستيقاظ مُزِجَت هُنا بفرح الاستعداد ليوم دراسي جديد بدأ ولّاداً مع بداية النهار! 

هو أيضاً حراك تصير معه البيوت خلايا نحل مع كل إشراقة.. تغاريد أطيار يخالطه تغاريد أطفال فيحلو نشيد الصباح! 

في أيام المدرسة تستحيل بيوتنا إلى وِرَش عمل.. لا مكان للكسل والدِّعَة.. كل شيء ينبض نحو المدرسة قلب الصغير وعقله، وعقل الكبير وقلبه، لأن المدرسة هي الحياة! 

إنْ كان الولد في القرآن هو زينة الحياة فإن خطوه إلى مدرسته مُتعة وزينة يجدهما الأبوان فَرَحا غامرا يستطيب به الكون.. فمن أن أراد أن يُغلق على نفسه "باب الحياة" فليغلق باب المدرسة بــ "قُفل الموت" حتى يصير كل شيء ساكنا وجامدا وميّتا! 

من سيُغنّي للحياة نشيد الصباح إذا حُرِمَ أطفالنا البواسم من الذهاب إلى المدرسة؟ من سيُدهدِه هذا الأثير إذا لم تصحبهُ لحظة صَخَب محبّبة في زمن الاستراحة؟! 

من سيُكسر جدار الصمت إذا لم تعتريه ضجّة زِحام عند نافذة "السندوتشات" والركض في ملعب المدرسة والسباق إلى ماء البرّادات؟! 

جَرّب الناس أيام "العطالة" في الشهور الماضية فصارت الحياة كأنما تلفّعت ثوب الحِداد!.. أما البيوت فاستحالت إلى جلمود صخر.. كل شيءٍ صَمَت كل شيءٍ تجمّد! 

كم أنتِ رائعة أيّتُها المدرسة.. ما أعطيناكِ قدر ما تعطين طلّابكِ من وهَج الحياة، وعزّ الشموخ، وهذا الضوء المسترسل إلى الأُفق الذي يُضيف رونقاً ويُضفي وجْداً في نفوس المشتاقين للعلم والمعرفة! 

صباح الخير يا وطن.. هُنا في مدينة الفُل تحوّل مكتب التربية إلى ورشة عمل.. تهافت الموظفون للإعداد لعامٍ دراسيٍ متميّز في اجتماع كبير رغم محاذير إجراءات "كورونا"! هناك عَطَشٌ لصباحات المدرسة في لحج الخضيرة! 

استحثّ الاجتماع الذي رأسه د.محمد سعيد الزعوري مدير مكتب التربية بالمحافظة هِمَم المجتمع اللحجي وذِيقت مخرجاته بطعم القرمش والملبّس، فأعقبهُ للتو لقاء بقيادات تربوية واجتماعية وأمنية تداعت لتأسيس هيئة مستقلة لمناصرة التعليم بالمحافظة للحيلولة دون توقيفه أو تعطيله مع الذّب عن حقوق المعلم ومطالبة الحكومة باستيفائها غير منقوصة. 

لقد ضُيّق على الناس في زمن إغلاق المدارس رغم كُلفة التعليم الباهظة.. لكن تحمّل أولياء الأمور وطأة الظرف الاقتصادي الاستثنائي في البلد بسبب الحرب من أجل مستقبل أولادهم.. ثم تذهب هذه "التضحية" سُدى في معمعة الإضراب غير المدروس الذي طال واستطال حتى أصاب العملية التعليمية من ورائه "خيبتين".. خيبة عدم الاستجابة لصوت المعلم المحروم من حقه في المعيشة، وخيبة الطالب المحروم من حقه في التعليم.. ولعلّ خيبة التلاميذ والطلاب أشدُّ على القلب وأنكى!!

*نقلا عن صحيفة الأيام

مقالات الكاتب