لماذا يريدون التخلص من الشرعية ؟

هناك من يذهب بقصد وآخر بجهل لإسقاط الشرعية . أقول لمن يجهل مخاطر إسقاط الشرعية ، إنهم يريدون حرمان اليمنيين من وعاء يوحدهم أو هدف يجمعهم أو مشروع يلتفون حوله . قد يكون للبعض منا مآخذ على السلطة التي تدير الشرعية ، لكن ذلك لا علاقة له بالشرعية كمؤسسة معترف بها دوليا وهي الرابط القانوني بين اليمن والمجتمع الدولي . وهذا يعني أن إسقاط الشرعية لا يشكل خطرا على السلطة الحاكمة وحدها ولكن على كيان الدولة أيضا .

إسقاط الشرعية وهو ما تسعى إليه الإمارات العربية المتحدة تحت غطاء التحالف العربي الهدف منه الوقوع في شرك الفوضى وإسقاط المرجعية الدولية وإفساح المجال للمليشيات وإعلاء مبدأ العنف لكي تستطيع البقاء في وسط الفوضى المتنامية . البديل الذي تريده الإمارات وطن متآكل سقطت مقومات بقائه القانونية ، وآمراء حرب وزعماء مليشيات يعززون الصراع الطائفي والمناطقي على حد سواء .

ولا أكشف سرا إذا قلت إن الهدف من إلغاء الشرعية هو زعزعة الاستقرار ونشر الفوضى وإضعاف قدرة الدولة على التحكم في الأوضاع ليتسنى لهم ترويض المليشيات وتنفيذ الخطط لصالحهم .وبعيدا عن اتفاقنا أو اختلافنا مع السلطة التي تدير الشرعية ، نقول بوضوح إن الشرعية تمثل الضامن الأول لوحدة البلاد ، وتماسك الشعب . والإصرار على مواجهة الشرعية بهدف إسقاطها سيكون الرصاصة الأخيرة على قلب الدولة المثخنة أصلا بكثرة الجروح وسينفرط العقد وسيفرق شمل الشعب ولن يبقى من اليمن سوى الاسم .

ولست بحاجة للقول ، إن سياسة التصعيد والمواجهة التي يتبناها بعض المؤتمريين وبعض الإصلاحيين لا تجدي اليمن نفعا ، بل تضيع عليه فرصة التعافي . نريد من هؤلاء أن يكونوا نقطة تلاقي لا مجرد صندوق بريد لإطلاق رسائل التهديد المشتعلة . من موقعي السياسي الذي يتألم على اليمن وعلى الشعب اليمني ، أقول إن هذه  الممارسات لا تعدو كونها تسابقا مع الخصوم لانتزاع وظيفة الدولة في خدمة الأعداء .

من هذا الموقع أدعو منظري إسقاط الشرعية وصانعي سياساتها ، أدعوهم فقط لسلامة المنطق وصحة التحليل ، أن يعيدوا تحديد الخط الفاصل بين الشرعية وبين السلطة في ما يفترضون أنهم مع أو ضد . فالشرعية هي العقد القانوني بين اليمن والمجتمع الدولي . والسلطة التي تدير هذا العقد يجب التعاطي معها بما لا يسقط اليمن في فخ الصوملة التي فقدت الدولة واحتكمت للمليشيات المحلية التي تحتكم بمنطق آمراء الحرب وليس بمنطق الدولة .

البديل للشرعية هو المليشيات المدعومة إقليميا . فهل بالإمكان أن نناقش خياراتنا على هذا الأساس ؟ أتمنى أن تجدوا بدائلا في إطار الحفاظ على شرعية اليمن في المحافل الدولية . عندها فقط سننحني إجلالا لإنجازاتكم إن حصلت ، وفي اليوم حاضرا وحتى ذلك اليوم مستقبلا سندعو الله رأفة بكم وحرصا على أهلنا أن نستيقظ من هذا التحسس المفرط بين المؤتمر والإصلاح .

تشجيع المحاور الإقليمية في ضرب بعضنا البعض ليس في صالحنا . يرى البعض مادامت الإمارات تستهدف حزب الإصلاح فلتذهب قيم الأمن والتضامن الإنساني وحق الشعب في العيش إلى الجحيم ولترفع راية النصر والتحية للإمارات لأنها تقوم بمهمة حربية ضد الإصلاح . وبالمقابل علينا أن نصمت عن الدور الإماراتي في تشويه الوحدة الوطنية واحتلال الجزر اليمنية .

خلاصة القول ، إن إسقاط الشرعية في اليمن سيجسد نموذجا آخر لفوضى غير خلاقة ، ستبدأ باليمن وستمتد إلى داخل المملكة العربية السعودية وستشمل الأولاد والأحفاد . فهل تتعلم المملكة درسا مفيدا مما جرى في العراق وسوريا ، وكيف أصبحت إيران هي صاحبة اليد الطولى ؟ وهل ينظر المؤتمريون والإصلاحيون وكل القوى الجمهورية إلى أبعد من أحقادهم الشخصية ليقرأوا حجم الخسائر التي خسرها وسيخسرها الوطن بسبب الطحالب المتعفنة التي تكومت في رؤوس البعض منا ؟

مقالات الكاتب