الكورونا المجيد والوطن العتيد

سبحان الله فايروس كورونا جعل الساسة وأهل الحل والعقد في عالمنا الصغير هذا يشعرون بمعنى الوطن رغم خطورته ونتائجه السلبية المريرة .

خلال كل تلك العقود والمراحل المؤلمة التي مر بها الوطن لم يدرك الساسة و العسكر ورجال الدين والاقتصاد والمواطن بقيمة ومعنى الوطن إلا عند حدوث الأزمات التي كادت ان تجعلهم يفتقدوا وطن كانوا يعيشون فيه ولا يعيش فيهم ، ومنذُ جائحة كورونا المجيد أدرك الكل معنى الوطن الحبيب. 

وفي بلادنا وضع خاص مغاير لكل شعوب المعمورة كما هي العادة دائماً ، رغم ان فيلق كورونا تمكن من غزو اعتى الدول قوة وتحضر وعلم في شرق ووسط وغرب البسيطه، إلا ان اليمن لازال في منأى منه ولا وجود لتسجيل حالة إصابة بالفايروس كما قيل الى الان وبدورنا نقول الحمدلله فهذه نعمة ورحمة وفضل من رب العالمين انه جعل كورونا يعيد النظر بغزوه لليمن ، حين شاهده أصابه الذهول من هول اوضاعه وأدرك ان الشعب الموجود في أقصى بلاد العرب المسمى باليمن والمطحون بصراعات سياسية ومليشاوية ودينية وسلالية ومناطقية وجغرافية واقتصادية مزرية ومصالح إقليمية متصارعة لا تتوفر لديه ابسط حقوقه من بنية تحتية في التعليم والصحة والكهرباء والمياه والطرق إلخ.... من الأساسيات رغم المانشتات الاعلانية الكبيرة للمشاريع المتدفقة ؟؟؟!!!

فباعتقادنا انه خجل إلى حين لكنه لن يستكين .. 

فايروس كورونا ادرك الحقيقة والوضع الذي يعيشه بلدنا ونحن لم ندركه منذ عقود وسنون ، اليوم شعبنا منهك ممزق فقير  جائحته الصراعات السياسية التي أفقدته ابسط حقوقه . 

شرعية تحالف وغيرهم مدّعون كُثر إذاً من المسؤل الذي يمكن الحديث معه حول ما يجري في بلادنا عدن والجنوب والشمال ، أمراض وأسقام وأمطار وسيول جارفة ، مليشيات وفساد وحروب تجري على طول وعرض البلاد ولا يوجد أحد نسمع منه ويسمع منا ويقول ويقبض على مكمن الداء ويرشد إلى الدواء ، لا تتركوا الناس يصارعوا كل تلك المخاطر لوحدهم وانتم مسؤولون أمام الله عنهم ، الوقت يمر والناس تتخبط والمسؤول مجهول ، اجتهادات فردية سلطات غائبة وعشوائية مستشرية ومشافي تفتقر الوسائل في ظل فساد منتشر كفايروس كورونا بل اسواء منه .

عدن كانت منبر الحضارة وام المدائن أصبحت مدينة عشوائيات ومجاري يُراد لها ان لا تصلح لعيش الآدمي ،  قوىً متصارعة لا وطن يعنيها ، مهمتها التدمير والتخريب وزرع الفتن ، القوي فيها يقتل الضعيف ، والفقير يموت بحثاً عن الرغيف ، لا حكومة بسطت نفوذها ولا مدعٍ يستطيع ان يديرها . 

ان التنازع السياسي الظاهر اليوم اشد وطأة من كورونا المجيد رغم خطورته ، فكورونا لا أزلي ولا دائم ، أما ما يجري على الوطن فأكثر خطورة ، وآثره وخطورته لا تزول بالتقادم فالصدع الاجتماعي تبقى بصماته قاتلة ومؤثرة بطول وعرض الوطن وماثلة تتناقلها الاجيال فنحن في الجنوب كمثال وليس لجلد الذات لازلنا نتذكر المآسي التي حاقت بمجتمعنا على مر العقود الماضية ولم نتخلص منها ما يؤكد لنا ان الصدع المجتمعي أشد واصعب من تجاهله أو تناسيه ومنذ 2015 ونحن نعيش مزيداً من التعقيد والتوسع في ذلك الصدع بدل ردمه فلا يتخيل احداً انه يمتلك اليوم القوة والقدرة على التجييش والسيطرة والحكم قد سبقه غيره في مراحل سابقه فما كانت حصيلة ذلك ؟ شتات وتشريد ودماء وموت وضعف لبلدنا ولكل من شارك في صنع تلك المآسي ، والشواهد كثيرة ،  انت ضعيف مهما بلغت قوتك ومهزوم مهما توهمت بانتصارك فأنكفاء القوة إلى داخلك ضعف .

 فكفوا حقدكم وأداكم عن ام المدائن وام المساكين عدن واهلها ، إرفعوا أيديكم عنهما ليخرجا من بين الرماد الذي صنعتموه برعونتكم وحقدكم إقرأوا مآسيكم التي اقترفتموها والتي تحاكيها الأرقام تعالوا الى كلمة سواء لنبني ماهدمتموه بأيديكم وبأموال واجندات غيركم لنردم كل صدع في مجتمعنا وبنيان بلادنا لنمضي جميعاً معاً للتصدي لكل المخاطر فكورونا لازال قابع يترصد فأحذروه انه شديد الفتك ، دون أن تأخذكم العزة بالإثم بل بشراكة تصنع الأوطان وبعقول تردم الاوهام وتهدم الأوثان ، قلناها مراراً وتكراراً عدن كبيرة بأصالة تاريخها وعظمة صهاريجها وقلاعها وحصونها ومدنيتها وكِبَر أهلها وناسها فمتى تدركون ذلك .

مقالات الكاتب