فبراير التوافق والاصطفاف

المعركة المصيرية التي يخوضها الشعب اليمني وقيادته الشرعية وقواته المسلحة تقتضي رص الصفوف وتوحيد الكلمة ونسيان أحقاد وشوائب الماضي والاصطفاف تحت المشروع الوطني الجمهوري الاتحادي لمواجهة العدو الواحد وتحقيق الأهداف المشتركة المتمثلة في استعادة الدولة والشرعية والمؤسسات الدستورية وإنهاء التمرد والانقلاب والملشنة والفوضى والعودة إلى المسار الصحيح والسليم والانتقال إلى آفاق المستقبل الآمن الذي يتوق إليه جميع اليمنيين ويحقق السلام والأمن والاستقرار والعيش الكريم لكل المواطنين ويعيد لليمن اعتبارها ومكانتها المستحقة في محيطها العربي وبين الدول المتقدمة.

هذه المعركة الوجودية والحتمية تفرض على الجميع النظر إلى الأمام وتجنب المعارك الجانبية والصراعات العبثية، وأن نولي وجوهنا نحو الأهداف الأساسية ونوجه سهامنا نحو العدو الحوثي الذي يلعب في الشقوق ويتسلل عبر الثغرات والخلافات في الكتلة الوطنية والصف الجمهوري تلك الفراغات التي يعمل العدو على توسيعها تمنحه فرصة للغدر وكسب الوقت لسفك مزيد من الدماء ونشر الدمار والتمادي في الجرائم والانتهاكات التي وصلت إلى كل بيت واكتوى بنارها الجميع وشملت العدو والصديق والحليف.

هذا الوضع المضطرب الذي قادت إليه حماقات المليشيا وحقدها وجشع وأطماع مشاريع العمالة والارتزاق التي رهنت نفسها وتخلت عن هويتها اليمنية وارتمت في أحضان ملالي طهران والمؤامرات القادمة من خارج حدود الجغرافيا وثوابت الدم والدين.

إن المسؤولية الوطنية والأخلاقية والتاريخية توجب الالتفاف تحت لواء القيادة الشرعية والقوات المسلحة ودعم ومساندة الحكومة لبسط كامل نفوذها في المناطق المحررة والقيام بواجباتها تجاه المواطنين، بما يساعد على تجاوز التحديات والوصول إلى بر الأمان.

القضية الوطنية العادلة والجامعة تتمثل اليوم في استعادة الدولة والانتصار للكرامة والحرية والحياة في وجه مليشيا الموت، وإعلاء راية الجمهورية اليمنية وإزالة رايات الخميني وشعارات الفقيه، والتداعي لنصرة المظلومين من أهلنا الذين يقبعون تحت سطوة وصلف المليشيا التي حولت صنعاء وغيرها من المدن إلى سجن كبير لاحتجاز الرهائن ومقابر جماعية لدفن الأبرياء والمغرر بهم.

إن إحياء ذكرى ثورة 11 فبراير الشبابية السلمية التي خرج فيها اليمنيون بحثاً عن دولة رافعين رايات السلام مطالبين باستكمال تحقيق أهداف ثورة الـ26 من سبتمبر التي أطاحت بالإمامة والكهنوت وثورة الـ14 من أكتوبر التي طهرت الوطن من دنس الاستعمار والعبودية، وكانت امتداداً لثورات التحرر والحرية أفضت إلى عملية انتقالية للسلطة والانتقال لمرحلة توافقية سلمية فرضتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية برعاية ودعم الأشقاء في المملكة العربية السعودية وبتراضي الأطراف السياسية وتم التوجه نحو انتخابات رئاسية توافقية وتشكيل حكومة وفاق، والبدء في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي شارك فيه جميع اليمنيين ومثل ظاهرة حضارية أفضت إلى وثيقة المخرجات ومسودة الدستور الاتحادي التي حظيت بتأييد ودعم الأشقاء والأصدقاء وبإشراف الأمم المتحدة، لكن العدو الحوثي ومن خلفة إيران كانت تتربص وتحيك المكائد لمحاولة منع العبور إلى الدولة الاتحادية، نكاية بالمبادرة الخليجية التي رفضتها مبكراً وانتقاماً من الشعب، فقادت الانقلاب والتمرد على الدولة وأدخلت البلاد في هذه الحرب غير آبهة بالعهود والعقود  والمآلات الكارثية على اليمن والمنطقة كلها.

يقف الشعب اليمني اليوم بكل شرائحه وأطيافه وقواته المسلحة وإلى جانبه أشقائه في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة لمواجهة التمرد الأرعن التي أدخلت فيه المليشيا اليمن في نفق مظلم في مسعى منها لتحويل اليمن إلى بؤرة شر على اليمنيين أنفسهم  ولتهديد أمن الجوار والإقليم وتحويل صنعاء إلى عاصمة فارسية، وبالتأكيد أنها ستذوق وبال جرائمها وستدفع ثمن أفعالها وأوهامها.

وإن هذا الاحتشاد العروبي لن تتحقق أهدافه إلا بتلاحم جميع اليمنيين وتعاضدهم والتئام شملهم تحت راية الجمهورية والقيادة الشرعية لتحرير كافة الأراضي اليمنية وفي مقدمتها العاصمة صنعاء، هذا الهدف لم يعد هماً يمنياً فحسب، بل أصبح مصيراً عربياً ومصلحة مشتركة، وصولاً إلى الانتصار الحتمي للمشروع الوطني التحرري والنهاية الحتمية للخونة والحاقدين وأدوات الغازي والمستعمر.

مقالات الكاتب