اتفاق الرياض المخدر

اكثر ما نخشاه ان يكون العلاج الذي جاء به اتفاق الرياض اخطر من المرض نفسه بتعبير المفكر الامريكي الكبير توينبي في نقده للافكار الماركسية .

ونقف اليوم على سيل من الاخبار المتناقضة المصادر والمقولات التي ضجت بها عديد من المواقع الاكترونية التي عادة لا تعبء بالمصادقية ولا صناعة المادة الخبرية التي ترسلها كاحطام ميت من الكلمات ، ويمكن التوقف بامعان على اكثرها اهمية وفائدة للمتتبع لهذا الشان ، والتي تبرز تصريحات فليسوف السياسة والتاريخ الدكتور الدكتور احمد بن دغر في الصدارة منها ، باعتبار الرجل والعقل بن دغر يستقي من تجارب سياسية ناضجة وتاريخية عميقة ، ورجال التاريخ هم اكثر الناس دراية باشتراطات كل مرحلة  من مراحل السياسية في حياة اي امة من الامم وتتكون لديهم قدرات خارقة في التعامل معها وفرزها بحسب اولوياتها في كل مرحلة ، وغيرها من التصريحات تكشف جهالة اصحابها وقابلية ضيعاهم في ادغال السياسة الصعبة والمهلكة  وبالذات لراكبي موجتها الضاربة بلا هدى وبلا علم مبين .

ومن باب حسن الظن بالاتفاق لا اعتقد بان ستين يوم مضت على توقيعه كفيلة باذابة جبال الجليد من الخلافات بين الفرقاء ناهيك عن تكميشهم في برنامج زمني ضيق واضيق من خرمة الابرة على كلا الطرفين .

الامر الذي يجعلني اجزم بان راعي الاتفاق لايمكن ان تغيب عن باله ولا عن فراسته هذه المعضلات التي لم يعرها الاتفاق اهمية تذكر وان كانت تمثل صواعق الانفجار الداخلي له في اية لحظة ، وهو ما جعلنا نستدرك خطورة ذلك على الاتفاق ونعبر في حينها عن هشاشة الاطار العام له .

وهذه المعوقات الجوهرية هي المسبب الرئيس في بقاء بنود الاتفاق معلقة في الهواء خلال الفترة الماضية من توقيعه وتطائر شظايا برنامجه الزمني مع الريح ، مما استدعاء الامر الاستعانة بفليسوف السياسة والتاريخ الدكتور احمد بن دغر لتفكيك بؤر التوتر التي حالت دون الشروع في تنفيذ الاتفاق وهذا ما يمكن ان نستشفه من اول تصريحاته الصحفية حول ذلك في الساعات الاولى من ليلة امس .

وان كنت على ثقة بان عبقرية الرجل قد تصطدم بعقبات من الخلافات الجوهرية التي لم يالفها حتى في انساق الخلافات التاريخية بين قطبي الخلاف ، ناهيك عن اعتبارات الموجه الخارجي في صناعة الخلافات والمتحكم بتفاصيل مشاهدها واحداثها الجارية بينهم .

اذا اتفاق الرياض لن يكون الا مخدر عام للازمة لاعلاج لها ، و ان انطبقت عليه مقولة توينبي الشهيرة قد يكون العلاج اخطر من المرض نفسه لان معادلة قطبي الاتفاق لايمكن ان تستقيم بصورة سياسية او رياضية ومن باب المستحيلات الثلاث قبول الشرعية التفاوض مع بندقية مستأجرة للموت فقط .

مقالات الكاتب