صنعاء.. شعب الحوثي!!

صدّرنا «الحديدة» كبؤرة صراع إلى العالم الذي لا يعرف عن المدينة إلاّ كونها منطقة تطل على الطريق البحري للتجارة الدولية.. وربما حفظ هذا العالم اسم «البحر الأحمر» ولم يحفظ اسم المدينة.. كذا تبدو السياسة «فَن المرور الممكن» في الطريق إلى التجارة بلا أذى من أحد لتحقيق «الاقتصاد المكثّف».. وليس مهماً من يحرس هذا الطريق، الدولة أو الميليشيا!

ترامب الذي سلّم «الجولان» لنتنياهو بشخطة قلم هو الرجل رقم «1» الذي يفهم هذه المعادلة!

وربما يغرِّد ذات مساء في «تويتر» بمنح الشرعية «الحديدة الشرقية» والحوثيين «الحديدة الغربية» على غرار مدينة القُدس!

دونالد القابع في عقل هيئة الأُمم ينشد الأمان في طريق التجارة كما ينشده كل الناس الشُركاء في الطريق بحسب قانون «كف الأذى» في ثقافتنا الإسلامية!

إنّ مشكلة الحكومة اليمنية مع ميليشيا الحوثي أصبحت الآن في «الصيغة الأُممية للجُملة الديبلوماسية» أكثر من مشكلة الحوثي نفسه.. أي بحسب الحكومة أن «الموقف الدولي غير واضح» وأنه «لم يسمِّ المُعرقل» وأنه «صمت تجاه خروقات الميليشيا» وأنه...!!

هذه المرة شكت الحكومة جريفيثس في رسالة إلى الأمم المتحدة، لكن المراقب المحلّي يرى أن هذه الرسالة تشبه شكوى الدنماركي لوليسغارد الذي ذهب إلى «مدينة سام» يشكو سلوك الميليشيا في الحديدة إلى زعيم الميليشيا في صنعاء!

مازالت «الصيغة اللغوية للجُملة الديبلوماسية» مُرهقة لفريق الشرعية والشعب أيضاً، وربما تكتشف الحكومة لاحقاً أن هذه «الصيغة» هي «المُعرقل» لاتفاق ستوكهولم وليس الحوثي!!

ويبدو لسان حال الشعب مع هذا المكر «الفظيع» كما صوّره علي عبد الرحمن جحّاف الشاعر التهامي في رائعته «واطائر أم غرب» بقوله:

« دائم زماني أنا بين امجفاء وأمغلائب.. ما ذقت طعم امسعادة..»!

فقد برزت الحكمة النيوزيلندية على لسان امرأة تبلغ من العمر 39 سنة اسمها «جاسيندا اردرن» في ظرف ساعة عقب الحادث الإرهابي على مسجدين في بلدها واستطاعت أن تلملم جراح المسلمين في نيوزيلندا والعالم وهي تسدل الخمار على عنقها في وقفة تضامنية مُذهلة ظهرت خلالها وهي تعانق بحرارة أمهات وزوجات الشهداء ومن ورائها طابور طويل من النيوزيلنديات «المتحجبات» مراعاة لمشاعر المسلمين في بلدها!

بينما أربع سنوات مضت من القتل والتدمير في اليمن لم تبرز «الحكمة اليمانية» ولا مرة واحدة ونحن البلد الموصوف بالحكمة!

أما الحوثي فقد سيّر مئات الآلاف في ميادين صنعاء طولاً وعرضاً بمناسبة ذكرى الصمود بزعمه!

تصوروا «استماتة المليشيا».. أخرجت الناس عن بكرة أبيهم بالرضا أو بالصميل.. المهم أشفت غليل السيد الذي مازال يقبض على صنعاء ويستميت «حبتي والاّ الديك»!
حصل المقالح على جائزة أمير الشعراء أحمد شوقي قبل أن ترى قصيدته «لابد من صنعاء» الطريق إلى صنعاء.. لأن الحكومة في هذا البلد «حنبت» مرتين.. مرّة في «نهم» ومرّة في «الجُملة الديبلوماسية».. حتى صارت صنعاء.. شعب الحوثي!!

*نقلا عن صحيفة الأيام

مقالات الكاتب