علوم «الثلاثة» ..!!

تَعِبَ الشعب ومازال يُمنِّي نفسه بـ “طريق الراحة التعبُ”.. لكن قطاعاً عريضاً منه لم يعد يحتمل مزيداً من أذى الحرب والغلاء.. أما الحرب فتصنع خوفاً، وأما الغلاء فيصنع جوعاً.. وإذا فقد الناس الأمن والطعام، ديس على “الكرامة”، ونعى إليهم العالم العيش الكريم!

إن 440 ريالاً للدولار الواحد، إعلان حكومي لا يسُر.. فالحوثي الذي يؤبَه له مع كل جولة تفاوض، هو نفسه الحوثي المشحون بروح التمرّد والشغف الصبياني.. ليس في همّهِ أن يموت الناس جوعاً.. فقد غطّت على سمعه وبصره ملازم “سيدي حسين”.. فلا طريق للسلام عنده ما لم يقود هو فريق الشرعية ويُسند إليه حق الأمر والنهي، وربما في مخيلته أنه يعوّل على قرار أُممي يمنحه صك “الحق الإلهي”، كما منح هو أعضاء جماعته والمغرر بهم من أبناء الشعب صك “الغفران.. للدخول إلى الجنّة بدون استئذان”!

إن مناطق هذا البلد تتوزع بين حربين كلاهما من نار.. “حرب السلاح” و“حرب الأسعار”.. وبينهما أرواح تُزهق وأجساد تتلوّى من الجوع، لأن في اليمن إنْ لم تُقتل بالرصاص تُقتل بالفاقة.. كذا تعددت الأسباب والقتل واحدُ.. بينما يلعب الثلاثة!!

يا سادة.. إن الذي لا يلتزم بالاتفاقات الآن يرى نفسه “المغدور به” بعد السلام المفترض.. طريداً.. شريداً.. هو لا يأمن على نفسه من جيش الشرعية، وتصيبه رهبة بمجرد تفكيره في مستقبله بعد الحرب.. فقد صنع “الحوثي” لنفسه ثأرات بعدد ما قتل من اليمنيين وزرع ألغاما وضحّى  بـ“بني الناس”.. كيف له أن يذعن لاتفاقات سلام وهو “المفروض والمرفوض” الذي يكسر كل اتفاق بحجم ما يطارده شبح الخوف من مصيره الذي يراه أمام عينيه مرعباً رهيباً!

إنّ هذا الحوثي يدرك في قرار نفسه أن إيران لن تنفعه في نهاية المطاف، وأنها ستتركه سُدى.. فقد وصف زعيم إيراني الحوثيين بأنهم “أولاد شوارع”.. وكأنهُ يقول لهم “أنتم في الأخير مكانكم الشارع عُرضة لانتقام أُسَر الضحايا.. هذا ما قدمتموه لأنفسكم.. زرعتم فاحصدوا.. (وما كان لي عليكم من سلطان، الاّ أنْ دعوتكم فاستجبتم لي، فلا تلوموني ولوموا أنفسكم...)!!

في دول المنطقة التي تشهد صراعات دامية خلُصَت “العلوم” والأخبار إلى وجود “الثلاثة”.. في سوريا طرفان متنازعان وبينهما “مبعوث”.. في ليبيا مثل سوريا.. ولحقت اليمن بالثلاثة “الحوثي والشرعية وجريفيثس”.. لعبوا لمّا خَلَصوا إلى “نكسة حجور”.. والضحية في كل الأقطار الشعوب المستضعفة!

أما “القذافي” فقد قضى في “بيارة” للصرف الصحي و“صالح” في “بيت الكُميم” والأسد ينازع مع كل برميل متفجر يسقط على رؤوس السوريين.. فقط في السودان التي دخلت دائرة الصراع مؤخراً اختلفت القاعدة، بدلاً من الثلاثة أربعة.. هناك في الخرطوم “النظام والشارع وفريق من موسكو وفريق من واشنطن”!!

وحدها الجزائر تزخر بربيع متفرِّد من الورد والزغاريد.. هنا فقط لا ثلاثة ولا أربعة.. هنا نظام وثورة.. اثنان لا ثالث لهما.. الشعب في مواجهة “النظام الكسيح”!!

وبعد.. سرّني أن “سالمين” بشّر من “الجنوب”.. من عدن صانعة الثورات وملهمة الشعوب.. أن المدينة ستشهد في عام 2019 تحسّناً ملحوظاً في قطاع النظافة”.. وأن صندوق النظافة سينفذ حملات نظافة شاملة لكل مديريات وأحياء المحافظة بالتعاون ودعم من مكتب الأُمم المتحدة لخدمة المشاريع UNOPS.. أشياء تدعونا لأن نحلم بأمنٍ ونظافة.. ثم يجيء “الثلاثة” ينغِّصون الحال.. ويطلّعون الروح إلى التراقي.. وقيل من راق؟! 

لا أحد..لا الخمس الدائمة العضوية.. ولا مجلس الأمن ولا هيئة الأُمم.. فقط “ففرِّوا إلى الله...”.. “ومن يتقِ الله يجعل لهُ مخرجا”.

*نقلا عن صحيفة الأيام

مقالات الكاتب