السجون السرية تاريخ يتكرر

 يعتقد الكثيرون أن معنى السجن السري هو المُعتقل الذي لايعرف مكانه أحد ويكون مخفي بعيد عن الأعين، إما في أماكن نائية أو وسط معسكرات وخلف سياجات أمنية.

 

بينما السجن السري هو السجن الذي لايخضع لأجهزة الدولة الرسمية وليس له ولما يجري فيه تعريف اداري وقانوني واضح، ولا يسمح لأي جهة رسمية او غير رسمية بالوصول اليه وتفقد حال المساجين. فمكمن السرية في الأمر هو عدم معرفة مصير من يدخل هذه السجون او مالذي حصل معه فيها .

 

مر اليمن بالعديد من الصراعات السياسية والحروب الداخلية منذ قيام الثورات وكان للسجون السرية وجودها في مختلف المراحل. ونتج عن هذه الصراعات العديد من حالات الإخفاء التي بالعادة ينكرها الطرف المنتصر ويمكن للطرف المهزوم السكوت عنها عند الوصول لتسوية. ولا يبقى للإخفاء القسري من أثر الا في نفوس أسر الضحايا الذين لايزالون يتذكرون ليلة من أسوأ ليالي حياتهم عندما زارهم زوار الفجر.

 

سيطل علينا الآن من يعطي دروساً في التسامح ونسيان الماضي وربما يعرج على اتهام من يتكلم بأنه داعية فتنة وينبش في الماضي. ولهؤلاء أقول تاريخنا القريب مؤثر أساسي في واقعنا اليوم بل وبعض من شارك في صنعه لايزال يصنع مستقبلنا الآن، و ماحصل سابقاً من أخطاء وانتهاكات تتكرر اليوم بطريقة مشابهة. فهل المطلوب السكوت عن هذا العبث الذي لايزال يتكرر منذ خمسين عاماً؟!!!

 

قضية السجون السرية والمخفيين قسراً الذين اختطفوا من الشارع او تم اقتحام بيوتهم دون أمر من جهة رسمية لم تعد بالأمر الخفي الذي يطمسه تصريح لمسئول هنا او هناك، وليست بالقضية التي يصعب التحقق منها. والاختلاف القائم حولها اختلاف مبني على الموقف السياسي من القوات التي تقوم بالاعتقال والاخفاء هجوماً او دفاعاً عنها، وأيضاً تداعيات الصراع الجنوبي الداخلي وتأثير الخارج فيه.

 

لو فصلنا بين الجانب السياسي والتعصب لأي طرف من أطراف الصراع والخلاف، وقدمنا الجانب الإنساني الصرف، ووضعنا أنفسنا مكان أسر الضحايا واستشعرنا معاناتهم بدلاً من المناكفة والمدافعة عن أنظمة وقوات عسكرية هي المسئولة عن تصرفاتها، لوصلنا بهذه القضية الى مكانها الانساني المناسب الذي يترفع عن الولوغ في المناكفات السياسة واستخدام معاناة الناس لمناكفة طرف او جهة او الدفاع عن أخرى والتبرير لها

مقالات الكاتب